ندوة رابطة بابل بين الثقافي والسياسي وضرورة إغناء الأدبي الفني بخطاب نقدي متخصص

كتبتُ هذه المادة منذ حوالي العقدين بمحاولة لتفعيل الأدبي والفني وللخطاب الجمالي واشتغالات النقد المتخصص في بيئته بدل طغيان خطاب السياسة المتحزب وسجالاته بمستويات استرخاءات سجالات المقاهي وصراعاتها أيضا.. مازالت الفكرة حية وأعيد نشرها هذه المرة ليس ورقياً كما بأدبيات سابقة عسى نتنبه على هوية حواراتنا وندواتنا ونُعنى بمحتويات ومضامين ينبغي منحها حقها في محاورها المخصوصة

زاوية رؤية

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

(1)

ندوة بابل يحضرها جيلان.. جيل لك يألَف بعد احتفالياتنا وحواراتنا، إنه يفتح عينيه على عالم الثقافة والفنون هنا لأول مرة.. فيما يحضر الجيل الآخر متسلحاً بذاكرة أنهكتها قسوة المنافي وممحاة الغربة، وفي كلتا الحالتين نجابَه بعنفوان المساجلة المستفَزَة بهذا الواقع وهو الأمر الذي يدفع عادة إلى حوار منفعل يسحب خطوط الحوار نحو التساؤل باستمرار عن صلة التعبيرين الأدبي والفني بعوالمهم ومعطياتها.. إن مثل هذا التركيز على إشكالية العلاقة بين الواقعي \الجمالي، يعود إلى طغيان حالات الاستلاب والاستغلال التي يتعرض لها طرفا المعادلة الإبداعية.. كذلك حالة التشويش التي أصابت مفهوم الأدب وقيمة المعالجات الجمالية لموضوعات الحياة المتنوعة. وإذا كان لمثل هذه الإشكالية من جذور، فإن وضعها الآن يزداد ارتباكا بالاستناد إلى ظروف معلومة.

وندوة بابل، اليوم، أمام مطالب ثقافية وأدبية وفنية متنوعة؛ إذا لم تستجِبْ إليها فَلَسوف تتحول إلى تداعيات وخواطر هي أقرب لأحاديث المقاهي منها إلى الندوة الثقافية المتخصصة. وللرابطة* أن تختار لدورها توصيفه الأنسب والأنجع لتلبية مطلبين:

 أولهما: إشباع حاجة (الجمهور) من جهة مناقشة أوضاعه الحياتية بمفرداتها الاجتماعية والسياسية. فقد أعلن (صوته) باستمرار عن هذا المطلب… وهو فعل أدى لتحويل كثير من الندوات الأدبية والفنية إلى طغيان الخطاب السياسي وخلط أوراق المعالجات فليست معالجة الأدب هي ذاتها معالجة السياسة لموضوع بعينه.

 ثانيهما: إطاء طبيعة الندوة لونها وتخصصها حقه من المعالجة النقدية بورقة تخصصية أو أكثر يظهر من خلالها المثقف والرابطة أيضا.

وفي هذا الإطار نكسر رتابة واقع المثقف وانزوائه وخلق علاقة حيوية بين الرابطة وأعضائها وجمهور الجالية..

ولا يصح بعد ذلك لحوارنا مع أديب أن يتحول إلى حديث في تجربته السياسية مع إلغاء لمناقشة نصه الأدبي أو لمخرج مسرحي أن يتحدث إلينا في (الدرس الفلسفي)بدلا من تجربته الفنية وليس لورقة (نقدية) أن تتحول إلى لوحة أدبية وصفية تنافس قصيدة الشاعر شعريته…

والبركة في الحركة[…] وخيراً تفعل الرابطة في توسيع أنشطتها ولقاءاتها مع الجمهور وسيكون الخير أعمّ وأشمل حين يتسع لمبدعينا جميعاً فيُشركهم في برنامج يتسم بالتنوع والتكامل والابتعاد عن الراهنية الآنية العابرة.. وهي لا من صفات الثقافة والإبداع ولا مما يعوَّل عليه في التأثير الموضوعي بعيد المدى…

فما المانع في مثل هكذا برناكج؟ وما المانع في الانفتاح على جموع الإبداع؟ وما مانع دخول النقد المتخصص لندوة بابل؟

ولِمَ الانتظار؟ في زمن صارت (الثانية) زمن طويل في قياس الفعاليات ويشرعوا يحسبون بالنانو والفيمتو…؟

 

  • رابطة بابل للكتاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *