قرار المحكمة بحرمان مواطني كوردستان من مرتباتهم باطل دستورياً

كتب أمين عام التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية قراءة في كشف أبعاد قرار المحكمة الاتحادية بشأن الدفع باتجاه مصادرة لقمة عيش مواطني كوردستان ومن ثم الوقوع بمصيدة التمييز بين مواطني العراق الفيديرالي واتخاذ مواقف عدائية مجحفة تناول من إنصاف مواطنين يلزم احترام وجودهم وهويتهم لا استغلال نهج يعادي الحقوق والحريات، وهنا نص المعالجة والتصريح باسم التجمع

المحكمة التي تميّز بين مواطني البلاد بقراراتها تخرق الدستور جوهريا

قرار المحكمة بحرمان مواطني كوردستان من مرتباتهم باطل دستورياً

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

أمين عام التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية

لا يمكن تمرير مثل هذي المواقف المتسمة بالعدائية والإجحاف وانتهاك المبادئ الدستورية لمجرد أن قوى عنصرية شوفينية تضعها بتوقيع المحكمة الاتحادية وختمها؛ فلطالما تعودنا من المحكمة إياها تلك المواقف والتفسيرات المضمَّنة بقرارات اتسمت بالازدواجية وبصياغتها بصورة مفصلة لمآرب ذات خطاب سياسي وإن اصطبغت بالعبارات القانونية فالمرجع الأساس للدستور على ما نضعه هنا بين أيدي الجميع لا يمكن إلا أن يكون العمق الإنساني والالتزام بمصالح الشعب وبالحقوق والحريات وليس العكس .. فهلا تفكرنا وتدبرنا ورفضنا محاولات الاختراق من تلك الأطراف ومن يقع بمصائدها!؟

أصدرت المحكمة الاتحادية قراراً جدلياً، كعادتها في ممارسة خطاب مزدوج في التعاطي مع القضايا المطروحة عليها كما فعلت مع عديد القضايا؛ حيث رأى القرار عدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء بشأن إرسال الأموال إلى إقليم كوردستان؛ وتلك الأموال تمثل لقمة عيش مواطن ينتمي للعراق الفيديرالي الذي يمنحه حقوقاً متساوية تلبي مطلب العدالة الاجتماعية في ضوء التمسك بالدستور كونه الوثيقة الأشمل سياسيا اجتماعيا اقتصاديا وبعمق قانوني بخلاف قرار المحكمة الذي بحال تنفيذه سينجم عنه:

  1. حرمان مواطني إقليم كوردستان الفيديرالي من مصادر رزقهم.
  2. هز الاستقرار الاجتماعي باستهداف أسسه الرئيسة.
  3. إطلاق العنان لمزيد تمييز بين مواطني العراق الفيديرالي.
  4. إيقاع الحيف على قسم من المواطنين لهويتهم القومية.
  5. أخذ أبناء الشعب بجريرة الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل.
  6. تكريس موقف عنصري شوفيني بالتعارض والدستور والوثائق الحقوقية الأممية المعمول بها.
  7. يُلغي القرار دور القضاء في تبني الجانب الإنساني ومنطق الإنصاف والعدل بوصف ذلك جوهر ما ينشده القانون وبصورة أدق القانون الدستوري.

إنني بهذي القراءة العجلى نعود لتوكيد ما تعنيه مهام المحكمة الاتحادية من دفاع عن الدستور ومبادئه بما يكفل حماية المواطن العراقي وحقوقه وحراته بجميع أرجاء الدولة الفيديرالية، وأياً كان انتماؤه القومي أو الديني أو غيره.. ولكنها [أي المحكمة الاتحادية] من جهة قانونية مازالت تعمل من دون تشريع قانونها مستندة باستمرار عملها إلى تشكيلها على وفق قانون إدارة الدولة المنتهي مع ولادة أو إقرار الدستور نفسه.. ومن جهة أخرى مالت لتسييس قرارها وممالأة خطاب يتعارض ومبادئ الدستور بالتعارض الكلي الجوهري مع الدستور المعمول به.

إننا إذ نطالب بإعادة قراءة القرار وموضوعه لنؤكد أهمية التوجه الفري بعد عقدين من الزمن لصياغة قانون المحكمة الاتحادية وإقراره بمنطق دولة عَلمانية تنتمي لخيار الشعب النهج الديموقراطي الفيديرالي مثلما نرى أن كثيراً من القوانين والقرارات الدستورية تتطلب وجود الغرفة التشريعية الموازية لمجلس النواب بالإشارة إلى ما تحتمه الضرورة من إقرار قانون مجلس الاتحاد كيما يجري الاستناد إلى وجوده الدستوري في مثل تلك القرارات وشرعيتها وصواب اتخاذها..

ونحن هنا نرى في ضوء ما تقدم من انحياز فاضح في خرق الدستور وانتهاك مبدأ المساواة بين المواطنين وتحميل قسم من مواطني العراق الفيديرالي تبعات خلافات سياسية لطالما انتفض الشعب ضدها في بغداد رافضاً نزعات مركزة السلطة ومنطق الشوفينية بسياسة (العاصمة) التي يلزم أن تتمسك مؤسساتها بالنهج الدستوري ومنه الخيار الفيديرالي الديموقراطي.

مؤكدين إدانة القرار الذي خرق الدستور وأسفر عن نهج كرر منطقا جائراً مجحفاً وعدائيا تجاه مواطني كوردستان بخاصة في ظروف يتجه فيها الشعب لاستكمال الاستعدادات لانتخابات (التغيير) التي قدم من أجلها آلاف التضحيات الجسام من شهداء وجرحى ومصابين. ونحن نشدّد على التضامن مع أبناء كوردستان ومع مواقف الاحتجاج والاستياء التي عبروا عنها حتى اللحظة…

ونشخص في القرار عدواناً جديداً على سلطة القانون من مسلسل الانتهاكات الممنهجة ضد المبادئ الدستورية ما يشكل توجهاً غير عادل ويوقع البلاد بفخاخ استهداف العملية السياسية التي تشوهت جوهريا طوال العقدين المنصرمين وضمناً يستهدف الاتفاق السياسي الذي تشكلت في ضوئه الحكومة (الاتحادية) والأمر برمته يرتقي لمستوى تحويل الاتحادية إلى ما يشبه محكمة الثورة ومجلس قيادتها في النظام السابق.

إننا نطالب بتجنب الالتزام بالقرار المجحف الجائر وبالتوجه العاجل لتشريع قانون النفط والغاز بوصفه جزءا من الحل وبالعمل على تفعيل القوانين الدستورية الأشمل في تناول مسيرة العملية السياسية في عراق فيديرالي لا تلك التي تجتزئ المواد الدستورية وتفسرها كيفيا بقرارات تمييل لخطاب سياسي بمواضع خطاب أدخل بالقانون الدستوري!

يجب التنبيه بهذا الخصوص بأن مجمل الحلول أو الاقتراب منها في العلاقات بين بغداد وأربيل كانت تنطلق متزامنة في اعتراضاتها بتفسيرات مشوهة وذات خطاب سياسي لا قانوني ما يدحض النهج وما يستهدفه بخاصة افتضاح غاياته في الضغط على حكومة الإقليم وعلى شعب كوردستان مثله مثل القصف الذي تعرضت وتتعرض له كوردستان من أطراف إقليمية كما فعلت إيران باستمرار..

نجدد نداءاتنا لأوسع حملات التضامن الشعبي والحراك الوطني بنهج ديموقراطي فيديرالي يمكنه أن ينتصر للتغيير واستعادة بنيوية لحكومة اتحادية لا مركزية ولمؤسسات مكفولة الاستقلالية وسلامة البناء ودستوريته في ضوء استكمال إصدار القوانين لكن من دون إغفال الضرورة في العمل العاجل الفوري لصرف مرتبات العاملين بالقطاع العام في كوردستان ومنع أي تلكؤ في التعامل مع لقمة عيش المواطنين بعيدا عن أي شكل للتمييز ومصادر الدفع إليه ما يتطلب انتباها مضاعفا على العناصر الشوفينية المعادية لمصالح الشعب العراقي برمته ولاستغلالها هويته في التنوع والتعددية

***************************

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *