منجزات أخرى جديدة للفنان قاسم الساعدي بضيافة مجتمع يدرك غنى القيم الجمالية التي يبدعها

التأم معرض الفن المعاصر [KUNSTRAI] مجدداً بدورته السنوية المعهودة ولكن بدورة احتفالية في هذا العام بما ضمَّ من كبار مبدعات ومبدعي الفن التشكيلي في هولندا وأوروبا وقد كان لكاليري فرانك فلكنهايزن وجوده المهم والكبير في المعرض وبورصته وحلَّ الفنان العراقي المهجري المتألق الأستاذ قاسم الساعدي كأحد قامات الإبداع باستثنائية العطاء والمنجز وفي أدناه قراءة عجلى ببعض جماليات منجز الفنان الساعدي ودوره وتأويلات محمولات منجزه ربما جاءت دراساست مؤملة لتتعمق في هذا المنجز الذي يشكل نسيج وحده في عطاء مدرسته  تلك.. وأنا أحيل كلماتي المتواضعة أمام تلك الإبداعات لتمثل دعوة متجددة لمنظمي المعارض بمنطقتنا شرق الأوسطيية والعراقية منها ليأخذوا الدور في تقديم تلك القامات الكبيرة

قاسم الساعدي نسيج وحده في مدرسته الفنية

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

قاسم الساعدي فنان عراقي مهجري مقيم بهولندا منذ سنوات بعيدة وربما كانت بداياته من الصفر كما مجايليه من الفنانين المهاجرين وهو لا يخفي هذا إنما لابد من التأكيد بالمقابل على أن منجزه أكبر من استثنائي ما يتطلب الانتباه والدرس الأكاديمي الذي بالأصل استفاد هو منه في تطوير تجاريبه..

هذه الأيام يعرض أعماله في العاصمة الهولندية أمستردام وسط مشاركات كبيرة ومهمة لأبرز إنجازات الفن المعاصر محليا بهولندا وأوروبيا عالميا بعدد من مساهمات كاليريهات الفن الحديث والمعاصر.. وكالعادة يقدمه كاليري فرنك فيلكنهايزن (Frank welkenhuysen)  وإدارته المتمسكة بكون الفن ليس شكلا فارغا بل جماليات بمحمولات حضارية وقيم فلسفية فكرية ثرة وهو ما جعلهم يتمسكون بمنجز الساعدي في دورات متعاقبة..

قدم قاسم الساعدي منجزه الفني عبر خوضه كمَّاً كبيرا من التجاريب التي منحت أنامله الدربة الجمالية مرة والصلابة التي امتاحها أيضا من بيئة عيشه وطريقاً قطعه حتى بات هذا الفنان العراقي المهجري بعطائه الثر جمالا في الشكل وفي المضمون..

ومع أنه الرسام التي خبر اللون ودرجاته فإنه المبدع الذي تعامل مع الضوء والظل مثلما مع طين الأرض الحر ومن ثم المعالج بدرجات التسخين والشواء وهو الذي وجد قسوة المسار ممكن العمل عليه وإن كان السيراميك أو معادن كالحديد والنحاس بتاريخهما.

ووسط زحمة العطاء لبلاد اُشتُهِرت بفنانيها العالميين بالإشارة إلى هولندا فقد وجد الساعدي أنه يمكن أن يصب أفكاره الجمالية ومضامينها في أعماله التي اشتغل بها على المعادن والنحت البارز أو إخراج برامجه الفنية وحكاياتها بوسساطة ذاك المعدن..

وبالعودة إلى تاريخ النحاس وثقافته فإن جذوره تعود لآف من السنين والأعوام أي إلى عصور السومريين وما وصل الإنسان إليه يومها، من استخدام ذاك المعدن ووضع محمولاته الفكرية في مخرجات أعماله التي وصل كثير منها إلينا سواء بوصفه أداة في تفاصيل عيشه أم حروبه ووقائع أيامه أو في زينة عمارته ووجوده وبيئته الشخصية والجمعية..

ومع تقدم توظيف (التقنية) في معالجة الأعمال المعدنية النحاسية منها على سبيل المثال فقد اكتست قيمة ثقافية واسعة بهويتها الثقافية عميقة بمنحنيات عطائها ليس بمناسبة أو أخرى بل في تفاصيل اليوم العادي للإنسان.. وبين النقش والزخرفة والتجسيم الذي تجسده منحت واحدة من أبرز الأحاسيس ألا وهي اللمس والملمس وجوده في قراءة تلك اللوحة المعدنية أو النحاسية بالدقة؛ بخاصة منها الممزوجة أو المدمجة بمواد أخرى من خشب وزجاج وغيرهما..

مبدعنا الأصيل وهو يمتاح من عمق وطنه الأم حيث مهد الحضارة والمدنية ومن علاقته بالألوان المنتمية للطين وعلاقته به حياتيا، اختار الفنان قاسم الساعدي بين أبرز اشتغالاته المعدن تركيزا على الملمس واحتفاظا بتلك الألوان التي يراها تتناسب وغاياته الجمالية التي يتحدى بها القبح ومصادره..

إذن هنا في منجزه تدخل ألوان النحاس في مخرجات إبداعه، مثلما مطواعيته للتشكّل والنحت والطرق وتحويله لخامة للرسم  بأبعاد ثلاثية ذات تشكيلات مركبة معقدة..

لقد منحت متانة هذا المعدن خامة فنية قدرة استمرار مع أزمنة طويلة ممتدة مثلما أشرنا إلى دفء اللون وروعة لقائه مع الرائي المكتشف لسحر العمل الفني. هنا نحن بصدد إحياء ثقافة التنوير والتمدن السومرية ليس بهويتها العراقية وحدود جغرافياها ولكن بامتداد الوجود الإنسان ومعنى مهد تراثه ومنجزه..

إن توظيف التكرار لدى قاسم الساعدي لم يكن من بوابة صنع المماثل المشابه ولكن من بوابة تحويل طاقة المحمول الحضاري وتمدنه ليكون أبجدية منجزات قاسم يصنع منها مفرداته وعباراته التي يحكي بها عبر تلك اللوحات خطاباته القيمية الأسمى..

وبين تكرار وجود الثقوب والمسامير وظاهرة المزج بين الضوء والظل وإسقاطاتهما على تلك الأعمال المهمة للساعدي.وُلِدت جماليات معبرة مصبوبة في هياكل مصاغة بأبعاد هندسية مختلفة لكل واحدة منها إيقاع ذاك الشكل ومراد خطابه ومحموله.. إن عملا لقاسم الساعدي يضارع أختام أسلافه السومريين مثلما يوحي إلى دقة تفاصيل منجزات الإغريق عندما صنعوا منحوتاتهم النحاسية ومثلما نقوش عصر النهضة على تماثيل العصر وتقدما إلى حيث نحن وعصرنا والتقدم بأساليب التعامل مع هذا المعدن وسبائكه..

وبينما نجد تلك الثقوب لدى الساعدي نكتشف أنه لا يقيد نفسه برمز أحادي في استدعائه المعنى ولكننا أيضا سنجده يستخدم وسائل الطرق من الخلف لإنجاز بروز أو وجود مرتفع عن سطح لوحته ليكون بأبعاده الثلاثية في الشكل المنجز كما النوافذ المغلقة مقابل تلك المفتوحة وما يمنحها من محمولات تفسيرية تأويلية.. ولعلنا نستطيع كذلك أن نحيل المتابع إلى معاني إضافات الساعدي المعدنية الأخرى بما يستكمل حكاية النموذج الفني المصنوع ليكون الاستثنائي من تحويل العادي بفضل العمق الجمالي الذي أنجزه..

قاسم لا يترك الخضرة لونا وحيدا في مشغولات جواهره الفنية من لوحات ولكنه يُدخل أشكال الطلاء والمعالجة اللونية حتى يحصل على هدفه الفني الجمالي، من هنا كانت قطعه متفردة باستمرار سواء بالتلميع أم بمنح اللون أو أية إضافات تشكيلية تجمع فيها مخرجات العمارة للوحة ثلاثية الأبعاد أصيلة لا تتقادم إلا لتكون أكثر قيمة مادياً وفلسفيا بتحديث الدلالة وامتلاكها محمولات تأويلية جديدة…

إننا نجابه قيمة حركية بجانب الثوابت الجامدة لتكون لدينا الحكاية بنضج العمل واستكمال تفاصيله، مجددا نشير إلى الأصباغ الترابية والألوان الدافئة منها واللامعة التي تؤشر جذبا بصريا مبهراً.. هل وجدنا فخامة الأداء عند قاسم الساعدي أم أن تجريدياته تتدفق بتلك الفخامة والعظمة بالتحامها بالدلالة لتاريخية بجانب الجمالية ومعطياتها؟؟

إن مبدعنا يقدم منجز مدرسته عبر قدرات خيارات لا محدودة للنحاس وسبائكه وللمعادن المختارة ولعل تعدد الأشكال بين المربع الأثير عنده والمثلث والمخروط والمكعب وجميعها تركز أكثر على هياكل معمار بعينه في توظيف الكتلة وضمنا الصفائح و\أو ورق النحاس مثلما توظف الأشكال المقطوعة وما يُخلق من فراغات وثقوب متنوعة لتتحد من أشكال طلاء أو ما يوحي به بجميع الألوان التي ستثمر بها وسائل معاصرة تسمح له بتشطيبات تعد استثنائية ليس في التحول من العادي بل حتى وسط منجز مبدعين آخرين بهذا الميدان بقدر تعلق الأمر بتحولات التشكيل الفني للوحة عند مبدعنا قاسم الساعدي…

ما ينبغي الإشارة إليه باهتمام أن المعرض الحالي للفن المعاصر بعامة مثل حدثا استثنائيا كبيرا ليس في هولندا بل في أوروبا والعالم بخلفية ما ضمّ من أعمال فنية جمعت مدارس فنية وأعمالها ومنجزاتها الجمالية بلا استثناء أو لكن طبعا بتركيز على حجم نوعي للمساهمة ومستوى رفيع بخيارات الكاليرهات المشاركة والفنانات والفنانين الذين أتيح لهم بالمشاركة على أساس نوعي وليس كميا.. وهنا جاءت مساهمة فرانك فيلكنهايزن كبيرة وذات وقع مميزي سما بين عمالقة الفن وإبداعاتهم وقدم عددا من المشاركات بحجم له الحق بالفخر بها وبأدائها..

تحية تقدير لهذا الجهد الاستثنائي وأتمنى لأطراف التشكيل وإبداعاته عراقيا في الوطن أن يلتفتوا إلى استقدام هذه القامة أسوة بقامات الإبداع النسوية والرجالية في عالم التسكيل وليكن على سبيل المثال المعرض الفني التشكيلي لعمالقة الفن العراقي في المهجر وهم بالعشرات من القامات التي نفخر بها وبمنجزها ويمكن للكاليرهات التي تضمهم هنا بالمهجر أن يكون لها دورها في العراق وفي دول عربية عديدة بينها دول الخليج العربي وميادين وفضاءات التشكيل وجمالياته فهل سنجد تلكم الالتفاتة ثقتي وطيدة بهذا الفعل مثله مثل مهرجانات الفن المتنوعة الأخرى

 

جانب من مساهمات الساعدي في الكاليري ومعرض الفن المعاصر بأمستردام 2025

***************************

مع الفنان قاسم الساعدي في معرض سابق له

***************************

منجز آخر للفنان قاسم الساعدي بضيافة مجتمع يدرك غنى القيم الجمالية التي يبدعها

 

 

***************************

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

 

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *