ومضة بشأن زيارة مسؤولين لمراجع دينية لمعالجة قضايا كمدنية الدولة!

إننا نعتد بحق كل إنسان أن يمارس مواقفه الدينية المذهبية بما يؤكد حرية الاعتقاد وبما يشمل حق الأفراد في مناهجهم بمن يلتقون ومن يزورون ولمن يتحدثون.. إلا أن الشخصيات الاعتبارية المسؤولة تتحدد مهامها وحركتها بقوانين محلية وأخرى دولية تكفل ضمان السلم الأهلي من جهة واحترام إرادة الشعب في خياراته وحقه الثابت في بناء الدولة الحديثة ومبادئ العَلمنة والنهج الديموقراطي المكفول بكل القوانين الأممية والعهود والمواثيق الدولية.. وأية ممارسات تكرس نهج اجترار منظومات قيمية ماضوية وتشوهات ما قبل الدولة الحديثة أو منح فرص تجيير تلك الممارسات لتكريس نظام شخصته الإحصاءات والقراءات الأممية كونه نظاما كليبتوقراطيا يستند لجناح ميليشياوي مشرعن إنما تقع تلك الممارسات بالتعارض وحركة احتجاجية سلمية باتت ترى أن النظام افتقد لفرص إصلاحه وبات (تغييره) بصورة جوهرية شاملة واجبا ملزماً وهنا نطالب بفتح حوار عراقي وطني مع الجهات الأممية للتوصل إلى أفضل سبل وقف اية ممارسة تخدم إدامة النظام وتعود لأفضل تضامن مع الشعب العراقي وحركة التغيير فيه

ومضة بشأن زيارة مسؤولين لمراجع دينية لمعالجة قضايا: مثل مدنية الدولة!

وصلت ممثلة الأمين العام في العراق إلى النجف بزيارة لمرجع ديني، ومعروف أن مهمة البعثة الأممية تكمن في المساعدة على استكمال أسس بناء الدولة العراقية والتمكين من مسار الحداثة والتنمية وممارسة النهج الحداثي الديموقراطي. بتعبير آخر البعثة الأممية معنية بتمكين الشعب من خياراته في دولته المدنية وممارسة الديموقراطية بصورتها الأنجع؛ فما علاقة رجال الدين ومراجعه وطبيعة مهماتهم في الدولة العَلمانية بمثل تلك المهام!؟

يمكننا الإجابة بعد إشارة عَجلى تخص مجموع ساسة ما بعد 2003 في العراق وزياراتهم المكرورة وحجم ادعاءاتهم فيها قبيل كل دورة انتخابية تمارسها السلطة للتجديد لنفسها وإن جاء ذلك بوجوه مختلفة تلبي ما تريده طبقة الكربتوقراط الحاكمة بمعنى أن تلبي شروط إدامة سلطة كليبتوفاشية لقوى مافيوية ميليشياوية الأذرع والتحكّم…

وبغض النظر عن شيوع أباطيل طبقة الكربتوقراط المتسترة بجلباب التدين وعمامته المستندة للتضليل والإيهام فسيوجد بعض المؤمنين ورجال الدين ممن لا يدخل في تلك اللعبة وما ترتكب من جرائم لكن هذا الاستثناء ليس معنيا لا بلعبة الزيارات وقشمريات ما تتظاهر به وتزعم ولا في منظومة العبث القيمي الخطير لاختلاق طبقة تدين كاذب بكل ما يعنيه من مزاعم وادعاءات..

وعليه فإنَّه من القشمريات أن تبحث مصير شعب مع شخص لا يحمل هوية الشعب والوطن وكل ما يملكه، هو هويته الدينية المذهبية وموقعه وسط (طائفة أو أخرى) ومهامه يُفترض أن تبقى محدودة بالديني وقبول مبدأ عَلمنة الدولة الذي كان ألزم الدول الحديثة منذ قرون الحداثة في أوروبا وانتهاء العصر القروسطي وظلامه…

إنَّ فصل الدين عن الدولة تبقى قضية جوهرية أساس وبنيوية في وجود الدول وسلوك مسؤزليها من دون ذلك سيكون التشوه سيد الموقف بين دولة ثيوقراطية دينية وأخرى علمانية بالادعاء فيما السطوة لبلطجة طبقة رجال الدين المزيفة

إنَّ مصير الشعب اليوم، يبدأ ببناء دولة مدنية [علمانية] بسياق بناء تلك الدولة كما حددت ذلك كل القوانين والمبادئ التي استندت إلى العهود والاتفاقات والقوانين الأممية الدولية المعاصرة الحديثة. ومصير الناس يتجسد حيث لا يتشظى الشعب بين مكونات تحترب وتتقاتل بخلفية دينية أو مذهبية والأنكى بخلفية إلغاء وجود الدولة بفرض تشكيلات ما قبل الدولة الحديثة أي باجترار دويلات الطائفية وتمكينها من رقاب الناس الذين يُفترض أن يكونوا من أبناء عصر الحقوق والحريات إذ نحيا في القرن الحادي والعشرين لا أزمنة عصر العبودية..

إنّه لعبث يغلف جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية حيث اقتسام الشعب والوطن بوصفه عند مسؤولي سلطة كليبتوفاشية مجرد غنيمة وهنا نشهد بقصد أو من دونه، مشاطرة من أطراف أممية لهذا النهج، مما ينبغي لتلك الأطراف ألا تقع بفخاخ التعامل فيه مع أطراف لمجرد أنها (تُسقِط على نفسها قدسية دينية) تمكنها من التحكم بأناس بعينهم، بفضل قداسة دينية مرةً وأموال مشبوهة في أخرى، أموال بين منهوبة وبين متحصلة بالابتزاز والتضليل وبين مصادرها غير المشروعة بقوانين الدول الحديثة ..

لا يوجد أي اتهام يُطلق جزافا أو على عواهنه، فرجل الدين وحرية الاعتقاد مكفولة في الدولة العلمانية لكنه ليس السلطة التي تعلو على ممثلي الشعب المنتخبين لممارسة شؤون الحياة العامة وإدارتها.. لكن حتما هناك موقف من محاولات فرض طبقة (التدين) المويف بوصقها جلباب تلط الطبقة التي تعمل على تزييف الأمور للتستر فهلا تنبهنا وأبعدنا رجال الدين عن السياسة والدولة وشرون الحياة العامة من قواسم الناس المشتركة؟ تلك هي القضية

أفلا ينبغي الإصغاء بدل ذلك لممثلي الشعب ومن يعنيه بناء دولته المدنية العَلمانية لتثبيت أسس الديموقراطية التي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بموقف رجل دين أو آخر أيا كان موقعه بين من يتوهمون إيمانا برؤاه..؟

ما يمكن قوله، هو كفى تلاعبا!!! إذ كلما تعلق الأمر بإرادة الشعب وخياراته أرسلت السلطات مختلف الأسلحة لخوض حرب مع الأبرياء العُزَّل فيما يمهدون ويدعمون زيارات التظاهر والمزاعم والخديعة عندما يتعلق الأمر بالحل وإيجاد البديل.. هنا يُخرجون لنا أوراق المراجع الدينية بكل مسمياتها واستعراضات طبقة من رجال التدين المزعوم وتلك الطبقة ليست إلا كربتوقراط محمي بأذرع ميليشياوية ونهج فاشي لها..

فتنبهوا أيها الشعب وحراكه الوطني الديموقراطي واكسبوا الموقفين الوطني المحلي بقدر تعلق الأمر بما يدور من ألاعيب وتشوهات في فهم موقع المرجعيات وسلطتها التي يلزم تحديدها بما حددته الدول الحديثة ومبادئ بنائها ومناهجها وكذلك أوجدوا القيادات القديرة الكفء لكسب الموقف الدولي عبر تنظيم الصفوف وتعزيز النضال السلمي بمنطق العقل العلمي التنويري..

ليس من الصائب خوض حرب استنزاف في ميادين ليست هي ميادين النضال من أجل الدولة الوطنية العلمانية ونهجها الديموقراطي لتحقيق العدالة الاجتماعية أي ليست المعركة مع مرجع ديني، ولكنها مع طبقة الكربتوقراط وادعاءاتها وأباطيلها التي تسوّقها عبر أضاليل ومفاهيم فكرية ما أتى بها دين بسلطان..

إننا اليوم نطالب الشخصيات الأممية بالثبات على موقف فضحوا به المنظومة ونظامها ونهجه ما يقتضي تشكيل لجان أممية حقوقية يمكنها التصدي لجرائم ضد الإنسانية وجر المجرمين إلى المحكمة الجنائية الدولية بخاصة مع سطوة مطلقة شاملة وتلاعب بمصائر الشعب العراقي من مؤسسات تتحكم بها زعامات الحرب الطائفية وميليشياتها الدموية ونهجها القمعي الفاشي..

ومجرد قراءة حجم التضحيات من مئات الشهداء بل آلافهم ومن عشرات آلاف بين جرحى ومصابين وأضعافهم في السجون السرية وآخرون في مطاحن الاختطاف والاغتصاب والاغتيال دع عنكم مطجنة الآلة الجهنمية للنظام تجاه ملايين الشعب ممن اُرسِلوا للمخيمات وللمنافي ودول اللجوء أو لجرائم التسميم والتعريض للموت البطيء بالتلوث البيئيومشكلات إنهاء عجلة الاقتصاد المقيد للنظام الريعي وللنهب والسلب ولوضعه بخدمة إرهاب دول إقليمية كإيران مثالا حصريا ونهج نظامها تجاه شعبه وشعوب المنطقة..

إن مناقشة قضايا بناء الدولة العلمانية الديموقراطية مع طبقة كربتوقراط التدين الزائف ومع مرجعيات (دينية طائفية المنحى) هي بحد ذاتها ليست مجرد مخالفة بل جريمة بحق تطلعات الشعب وتضحياته الجسام..

نذكّر هنا بأن النضال المطلبي ما عاد ممكنا بأطره الحقوقية التقليدية لأن تعامل النظام مع تلك الحركة المطلبية الحقوقية السلمية بات نهجا دمويا فاشيا لا يُقرأ إلا بأبعاده السياسية في خيارات السلطة ونظامها ما يقتضي الانتباه إلى أن السلطة هي من فرض بالكره والإلزام على الشعب وحراكه السلمي أن يضع أولوية ((تغيير النظام)) بحساباته..

فلقد أنهى النظام الكليبتوفاشي فرص إصلاح ثغرات بعينها ليكرس نهجا مافيويا عميق الفساد وجرائمه مثلما استند إلى جناحه الميليشياوي ونهجه القمعي الفاشي الذي لم يعد ممكنا التعامل معه بحدود (إصلاحية) إذ فرض نهج التغيير الجوهري الشامل كيما يتمكن الشعب من بناء دولته وإطلاق حركة التنمية والتقدم والانعتاق من منظومة الرق وعبوديتها بادعاء التمثيل الحصري للإله أو قدسية النظام وحصره بيد طائفة ممثلة بعناصر فاشية..

إن استمرار إراقة الدماء مع إفلات من العقاب والتستر على الجريمة والمجرم هو خير دليل للمثلين الأمميين كي ينتهوا عن تلك الزيارات غير المجدية التي يُدخلها النظام في حسابات دعم وجوده وتكريس أضاليله.. بخلاف مساعي الشعب وحركة التنوير فيه تلك التي تتعرض لجرائم إبادة جماعية بمنطق التكفير والازدراء…

ألا فلنتنبه على ما يجري وسلامته ولنجد موقفا إيجابيا سيتحقق عندما ننظم رؤى حركة التنوير والعَلمنة، حركة التقدم والتنمية..

 

***************************

المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=776646

***************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *