لماذا ينبغي أن نقدم قيم التسامح في أفعالنا وممارساتنا؟

للتسامح قيم ساسمية نبيلة تتضمنها. والتسامح لا يتعرف بالمعاني الضيقة للمفردة معجمياً، ولكنه مصطلح عميق المضامين واسعها. وقطعاً التسامح يأتي من منطلق قوة الشخصية التي تتبناه وليس من ضعفها وهو ينطلق من المساواة وإنصاف الآخر واحترامه وأن نحبَّ له ما نحبه لأنفسنا، وأن نعترف بالتعددية وسلامة تنوعنا وأنَّ الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية.. وطبعا كلنا نخطئ بقصد أو من دونه ومن ثمّ فصحيح التعامل بيننا ألا نتوهم أننا على حق دائماً  وعلى صواب مطلق! بينما الخطأ سمة للآخر، فذلكم رأي ليس صحيحا صائبا وليس في موضعه .. وعندما نصحح مواقفنا تجاه ذلك نكون أكثر استعداداً للتسامح وفلسفته وقيمه

إننا جميعاً وكافة، ليس بيننا أنبياء وأولياء صالحين من المعصومين
وليس بيننا ملائكة ولا آلهة ممن لا يخطئون
لا معصوم من خطأ في وجودنا اليوم
فدعونا أولاً ألا نخشى الخطأ ولا نسمح له أن يخرّب علاقاتنا البينية الفردية منها والجمعية.. الشخصية وتلك المعنية بتجمعاتنا المدنية التي تجسد علائق منظماتنا المتخصصة بمختلف خطاباتنا الإنسانية.. دعونا نؤكد قيم التفاعل الإيجابي بيننا ولا نسمح لإسقاطات فردية من مبدأ رد الفعل تتحكم بعلاقاتنا كافة
وبديلا عن التأثرات السلبية لردود فعلنا على أخطاء الآخرين أن نمتلك شجاعة الاعتراف نحن بأخطائنا سواء بوضعنا أنفسنا في منطقة رد الفعل بدل أن نكون فعلا إيجابيا بديلا لكل ما يبدر  سلبيا أم باشتغالنا بآلية تخضع لمنطق ثأري انتقامي أو عدائي تجاه الآخر!
علينا أن نمتلك شجاعة إدراك الخطأ وآثاره ومواضعه وطبعا بدائله
وأن نمتلك إرادة تصحيحه وتقويمه

أما
العناد، ركوب الرأس، الإلحاح ومخالفة اتجاه صائب المسير فلن يؤدي إلا لمزيد تعقيد وتوريط أنفسنا بمتاهات لا نهاية لها
وإن جاء الخطأ من آخر، فلنتذكر أننا نحن أيضا نخطئ فلنمتلك شجاعة التسامح ولنمتلك إرادة التسامح ولنؤكد أننا معا وسويا يمكن أن نكون أفضل في معالجة أخطائنا ومحو آثارها واننا بفرقتنا نعزز مآسي تلك الأخطاء وكوارثها
أن نتسامح مع أنفسنا ومع الآخر ونتصالح معهما يعني أننا اقوى وأفضل وأروع
يعني أننا فعل لا رد فعل
يعني أننا فعل يدفع الآخر للبناء لا رد فعل يورطنا ويدفع الآخر لمزيد هدم

يعني أننا نصع فرص التعايش والتآخي لا فرص استعداء وخلق حالات صراع واحتراب

يعني أننا نؤكد خطاب السلام وأداء السلام وفرص نشر السلم الأهلي بيننا وإبعاد شبح العنف والتشنج والاحتراب  والاصطراعات .. إننا نريد توكيد بديلنا يقوم على أرضية سلمية مكينة متينة لا تسمح بالتفجرات وباي شكل للعنف في حياتنا.. التسامح يستثمر ضبط النفس والصبر والحكمة والتأني بما يؤدي إلى حياة تغتني بالسلم الأهلي كونه فضاء العيش الحر الكريم الآمن الضامن لمسيرة بناء وتقدم

إن هذه هي أرضية التمدن.. أرضية العقل العلمي.. أرضية ما ننشد من صنع جنائن الفرح والمسرة والسعادة.. فلا نكن إلا مع خطاب التسامح بقيمه وسماتها المدنية الثرية الغنية

فلنكن دليل أنفسنا إلى صحيح الرأي وسديده وحكيمه

أمثلة نريد لكل امرئ أن يسجلها بنفسه هنا

في التسامح بين الصديقات والأصدقاء.. في التسامح بين الزميلات والزملاء.. في التسامح بين الأخت والأخ وأخوتهما.. في التسامح بين الأفراد  من القريبات والأقرباء.. في تخفيف غلواء النفس وتجاوز الأخطاء بمستوياتها كافة.. نحن لا نملك سوى حياة واحدة وهي جد قصيرة لا نقبل غضاعتها في الدنعزة وفي القال والقيل وفي أشكال التذمر والانشغال بالتصيد للآخر زلاته وأخطائه ومثالبه وكيف قال هذه العبارة وكيف أدى تلك.. نحن بحاجة لتحمل مسؤولية التغيير انطلاقا من أنفسنا.. نحن بحاجة للبحث بكل قيم التسامح وأولها التهدئة وتحقيق التوازن والتشارك في تحمل مسؤولية خطأ أو آخر أو على الأقل في تحمل مسؤولية المعالجة وغزالة آثاره.. نحن مسؤولون معا وسويا عن خلق أرضية التفاهم.. أرضية التعايش.. ارضية تناسي الآلام والمواجع.. أرضية ان نكون بديلا لا نظيرا بطريقة تحقيق الثأر على اساس العين بالعين والسن بالسن، فهذا سيديم مسلسل الانتقام والانتقام المقابل ونورث خلافات الأجداد للآباء فالأبناء وننشر قيم الاحتراب وعنفه النفسي الاجتماعي ومساوئه التربوية!! بينما يمكن وقف دوامة عبث المخطئين وكبح جماح الآثار السلبية بقيم التسامح

عالمنا لهذا السبب اختار يوما عالميا للتسامح، واختار الاحتفال تعزيزا لقيم الهدوء، الموضوعية، العقلانية، ضبط النفس احترام الآخر وأن أقوياء داخليا لتحدي ما تجذبنا غليه نوازع الانتقام والثأر من سلوكيات قبائل الغاب وقوانينها.. فلنتحرر من دوافع العنف ورد الفعل السلبي ولنعزز اسس التفاعل الأخوي السلمي وإنصاف حيواتنا بمنحها فرص تطبيع بيئتها سلما وتسامحاً

ودمتم إن قرأتم ووجدتم ما يفيد بالاتفاق وبالاختلاف أم تفاعلتم وأفدتم بتعزيز الصائب ومعالجة الخطأ

الكرنفال العراقي للتسامح 16 تشرين الثاني نوفمبر 2015\تفضل بالضغط هنا ودخول الرابط

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *