نوافذ وإطلالات تنويرية نافذة 20 منهج العقل العلمي وموضوعية الحوار بين منطق الإصغاء الإيجابي للآخر وبين تجاهله

 مقتبس أولي:يتقدم العقل العلمي عبر جدل حوارات ذاتية وموضوعية؛ تتطلب بإيجابية معطياتها، ثنائية تبادل دور التكلم والاستماع بما يوفر تكامل شروط نجاح الحوار ومنجزه..”

 

نوافذ وإطلالات تنويرية نافذة 02 منهج العقل العلمي وموضوعية الحوار 

إطلالة 20 بين منطق الإصغاء الإيجابي للآخر وبين تجاهله

 

مقتبس : “العقل العلمي يتقدم ويرتقي عبر مسيرة جدلية محسوبة بدقة قيميا سلوكياً، باستنادها إلى حوارات نوعية ذاتية وموضوعية؛ وبجميع الأحوال سيتطلب الحوار بإيجابية معطياته، تبادل الرأي وخطى مركبة الاتجاهات، ذهاباً وإياباً وحال من تكلم واستماع، كيما يتحقق منه الهدف الأسمى وكيما تكتمل شروط نجاحه كافة..

تقوم حركة التقدم والتغيير على صراع جدلي يتسم بوحدة كيانين يزدوج بهما وجود الأضداد واصطراعها. وفي هذا سيكون جدل ثنائية الوجود انطلاق حوار بين طرفي قضية أو إشكالية يجمعهما ميدان أو فضاء واحد. ولكن هذا الحوار جدلا قد يكون اتلافياً يجسد صراعا وجوديا وقد يكون بنائيا تكامليا وبكلتا الحالتين هناك حركة تقدمية لجدلية الحوار الذاتي والموضوعي..

وصحيح الفعل هنا، أن يجري الحوار بطريقة يتكلم فيها طرف ويستمع آخر مع تبادل الدور إيجاباً… فيما سيكون مخلاً بمنطق الحوار ونهج العقل العلمي وجدله إذا ما تكلم طرف وهو لا يسمع للآخر.. فتجري الأمور بمنطق: أن يُملي طرف على آخر ما يريده من دون أن ينظر حتى في استجابته أو تفاعله. فهو يطلق كلماته لا للحوار وتبادل الراي بل ليِأمر وينهى فقط…

 وهذا ما يسمونه مجازاً، حوار الطرشان الذي يتفشى في مجتمع سادت فيه لغة الغوغاء وأمراض الجهل والتخلف.. وحيث لا وجود في البنية المجتمعية إلا لحال ثنائية السيد الرئيس المتكلم والتابعين المهمَّشين الملزمين بالإصغاء والتلبية لما ينصتون إليه بوصفه أمراً فوقيا…

في تلك الأجواء يصير الطرف الناطق المتكلم هو الأساس بل هو الوحيد الأحد، وهو من بيده سلطة الرعية.  وتصير فلسفة الراعي المالك وقطيعه هي الفلسفة التي تحكم مجما الأوضاع ولا حوار ذاتي أو موضوعي مستقيم الأداء مركب من ثنائية واجبة بل اتجاه أحادي في التكلم والإصغاء، حيث تتعطل الأذن عن الفعل وتصير مجرد أداة لرد فعل سلبي يُكرهونه ويلزمونه بواجب التلقي وتعطيل أي فعل آخر يدخل في بنية الحوار بثنائية أطرافه …

ما ينشر أو يثير تفشي حوار الطرشان كثير وما يدفعنا لإعطاء أذن الطرشة أكثر.. ولكن هل سيكون لنا من يسمعنا إذا تركنا لمبدأ الأذن الصماء أن يسود واعتمدناه مبدأ لسيل من هذيان ألسنة مصابة بحمى أن نسمع أصواتنا حتى لا نعترف بهزيمتها؟؟

إذا طبقنا فلسفة الرئيس والمرؤوس، الآمر والمأمور، الناهي والمنهي، فإنَّ في بعض الأمر حقا ولكن إذا بحثنا عن وجودنا على أساس كوننا بشرا أناسا لا يتحقق لنا وجود بغير انسجامنا مع الآخر ولا يتحقق لنا وجود بغير تفاعل وتبادل مع الآخر وبغير عطاء وبذل مثلما نأخذ ونريد؛ فحينها يمكننا القول إننا لسنا بوارد القول أن نكتفي بألسنتنا بل لابد من تشغيل الأذن بمعنى تبادل الرأي للوصول إلى حصيفه وجدلا الوصول إلى موزون منجز العقل العلمي..

وحتى نلبي ما تتطلبه منّا حاجتنا للوجود الإنساني فليس لنا أن نكثر كلاما ونقل سماعا فنطلق عنان اللسان ونلغي الآذان.. يجب حتما أن نفعِّل الأذن عندنا سواء كان ذلك فردياً أم جمعياً.. وحينها فقط سينطلق الحوار فاعلا مفيدا متحركا وحينها فقط يكون لوجودنا معنى ونؤنسن ذياك الوجود وسلامة منطق الأداء والحراك والتقدم..

إنَّ ادعاء الديموقراطية أسلوب حياة ومنهج تفكير وعيش يبقى أمراً ليس بممكن التخفي طويلا وراء بقائه مجرد زعم بغير أن نوجد فرصة حقيقية جدية للاعتراف بالآخر عبر الاستماع إليه ومبادلته الرأي بمنطق المساواة. بخلاف استصغار الآخر طرفا  يجري تهميشه واستهجان رأيه وتسخيفه وربما تكفير حجته وإذلال لسانه، حينها تغلق الأذن عن الاستماع لمثل هكذا شخص حيث نجد أنفسنا بغير حاجة لهامشي أو مهمَّش، ونقع بمحظور يتعارض وجوهر الديموقراطية وقبلها وبعدها يتعارض مع جدلية العقل العلمي ومنهجه.. ألم نقرأ مثل البعوضة والجمل؟!! أو النملة والفيل؟ أو الفأر والأسد؟

وحتى لا يغلق آذاننا شئٌ من ذاك وحتى نفتحها واسعة مرتاحة بعيدة عن غيضٍ أو انزعاج من إنصات للسان العدو قبل الصديق، وجب أن ننظف تلك المسالك بأدوات التسامح والتواضع والتفاعل الإيجابي مع الآخر بما يسمح للحوار إكمال بنية أطرافه وتبادلهما الأدوار على وفق منطق المساواة وسلامة قبول ذاك الآخر ورؤاه ومراجعتها ومحاكمتها موضوعيا لا بمواقف مسبقة عادة ما تكون إلغائية إقصائية لا صواب فيها قطعا بحالها ذاك..

ولا يقولن شخص إني الأقل حظا في الكلام وفي الإدلاء بدلوي فخير الكلام ما قل ودل وليترك للفعل مساحة تجعل من كل كلمة إيجاز وكثافة تحوِّل تلك الكلمة لفعل عظيم وخير عميم… وليجد كل طرف السبب ليترك صاحبه هو المتكلم البادئ المسترسل وليبحث عن وسائل ما يوجز بها هو كلماته..

حينها سيكون التوازن بين دوري اللسان والأذن ممكنا بطريقة الإيجاب لا السلب ولن يطمس دور الأذن حيث رحاب الحوار وثقافته منطلقه الأذن الفعل قبل أو مثلما فعل اللسان بمعنى أن منهج العقل العلمي في تبني الحوار الموضوعي يضع اشتراطاته وإلزاماته لجميعنا فيكفُّ تنحي الأذن عن الفعل ويخرجها من منطق رد الفعل وسلبيته..

وتتضاعف تلك الاشتراطات في ظروف الأزمات كما هي الحال الجارية في بلدان شرق اوسطية منها العراق؛ وتتعمق الأسباب التي تدعو للعمل بمبادئ الوحدة أو مسمى المصالحة الوطنية وتضافر جهود الكافة.. على أنه ليس من قبيل الحوار بموضوعية الاتجاه أن نتحدث عن خلط الأوراق ونجمع الشامي بالمغربي أو نجمع النقيصين في ائتلاف أو تحالف وحوار لا يعدو عن كونه خديعة، إننا نتحدث عن حوار المكونات والعناصر الوطنية، المكونات الإيجابية الممثلة للطبقات الشعبية ولمجمل المجتمع وحراكه إلى أمام حيث تحرره من أسباب الخراب والدمار والتمزق وهو ما تنجزه حوارات موضوعية بين أطراف تتبادل الاحترام والمصلحة المشتركة..

ولعل من سمات الحوار الموضوعي جمعيا بمستوى القوى العلمانية الديموقراطية بمجابهة قوى الظلام ما نسجله باختزال هنا ويتضمن:

1.            أن تتخلى جميع القوى المعنية بالحوار الموضوعي عن الشروط المسبقة

2.            سيكون أمر تمثيل كل طرف أمرا مستبعدا من الإكراه والقسر بمعنى تجنب خطل تقسيم الجمهور حصصا من ملكية هذا الطرف أو ذاك بحسب الادعاء وبالمخالفة مع بنى المجتمع وتحليلها بسلامة فكرية.

3.            أن يكون التمثيل تجسيداً للأفكار والرؤى بالأساس وليس لاقتطاع جماعة أو أخرى من الشعب والجمهور.

4.             ومن مستلزمات الحوار عدم خضوعه لضغوط خارجة عن إرادة عناصره وذلك عبر إزالة مظاهر التسلح العسكري وحل الميليشيات التي تشكل عوامل خرق لأصول الحوار السلمي الوطني المنتظر..

5.            وأن يتم ضبط الأوضاع الأمنية بما يمنع التهديدات الخطيرة بالاختطاف أو الاغتيال أو الابتزاز تحت التهديد بأي شكل من أشكاله، طبعا مع الالتزام بمشروع علمانية الدلة وديموقراطية منهج الكم وفلسفته..

6.            ثم توفير الفرص الكافية للحركات الخاصة بمؤسسات المجتمع كافة، كي تلعب دورها الحيوي المنتظر سواء منها روابط واتحادات المرأة مهضومة الحقوق والشغيلة ونقاباتهم المختلفة المتنوعة وفئات الطلبة والشبيبة ومنحهم ما يساعدهم على تطوير أدوات حواراتهم وإمكاناتهم على التصدي لأمورهم بكفاية وجدية ووعي…

وعليه، نجدد القول بإيجاز أن منهج العقل العلمي يتطلب لتلبية محدداته في مجال إطلاق الحوار سواء الحوار الذاتي فرديا جمعيا أم الحوار الموضوعي واشتراطات ثنائيته يتطلب ضمان ما اشرنا غليه مثلما يتطلب توكيدا من طرف هذه المعالجة على رفض الاتجاه الأحادي في اي حوار بما يعني فرض منطق طرف على آخر، وعلى رفض أعمال المنع والتحريم والتكفير وأن يتم تشخيص عبثية وإجرام نهج إهدار الدم الذي صار أمرا شائعا اليوم، في بلدان الشرق الأوسط ومنها العراق، وبات عاملا أشاع أعمق ظروف إرهاب الناس وإلغاء أصواتهم لحساب صوت الرصاصة أو الخنجر المسموم أو العنف بمعناه الأشمل والأوسع؛ وصادر أول ما صادر النساء اللواتي تعمقت شواهد استغلالهن واسعبادهن ومصادرة اصواتهن وفرص مشاركتهن العادلة في الحوار الخاص والعام بكل أشكال الاستغلال وأنواعه.. ولا مناص بهذه المناسبة ومعالجتها، من أن نؤكد أنّ هذا يلغي معنى الحوار وينهي أية فرصة لموضوعيته ما يتطلب حسما وإنهاء لمنطقه ومن يقف وراءه.. بمعنى أن نجد فرص الحوار انطلاقا من القوى الواعية المدركة لحاجتنا للحوار وسلامته وسلامة شروطه..

فلنعاود الجلوس إلى طاولة الحوار بحوار ذاتي ، حوار نراجع فيه مع أنفسنا ما اتخذنا من قرارات متعجلة ولنعاود الجلوس لطاولة الحوار الموضوعي مع كل الآخر بلا استثناء ولا تمييز ولا إقصاء..

أفلا نتذكر حتمية أن نشرع بالحوار موضوعيا بما يلبي منطق العقل العلمي ومنهجه أم سنكابر ونصر على نهج الفرض والإكراه حتى في إطار وجودنا التنويري؟؟؟؟

 

أترك الإجابة لكم أصغي لما تسجلون ثم أعود للتفاعل

 

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية حلقات 1- 20 الروابط أدناه

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية \ د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

sedahnet11111111111111111111111

موقع الصدى.نت

توطئة: اخترتُ تسمية نوافذ، لأنّ كل معالجة تتجسد بموضوع بعينه يمثل (نافذة) من النوافذ ليمر إلى جمهوره عبر تلك النافذة؛ في حلقات.. تمثل كل حلقة (إطلالة) من الإطلالات التنويرية. ومن هنا جاء اختيار اسم الزاوية كونها (نوافذ) تمر عبرها (إطلالات) تنويرية الدلالة والقصد. بمعنى أنّها تجسد محاولة لـ تلخيص التجاريب الإنسانية بجهد لمحرر الزاوية؛ متطلعاً لتفاعلات تجسد إطلالات المتلقين بتداخلات ورؤى ومعالجات مقابلة، يمكنها تنضيج المشترك بين مقترح النوافذ وإطلالاتها التنويرية وبين توصيات المتخصصين والجمهور وما يروه حاسماً في تقديم المعالجة الأنجع.

مرحبا بكنّ، مرحباً بكم في زاوية ((نوافذ وإطلالات تنويرية))، إنها محاولة لتفتيح النوافذ ومن ثمّ تفتيح البوابات وجعلها مشرعة للحوار الأنجع والأكثر تنضيجاً لمعطيات تجاريبنا

نافذة (1) بعنوان: منطق  العقل العلمي ومنهجه.

نافذة (2) بعنوان: منطق العقل العلمي وفلسفة التسامح

 سلسلة إطلالات تنويرية للنافذة الأولى كل إطلالة هي حلقة من سلسلة حلقات المعالجة التي تصب بتناول منطق التفكير العلمي ومنهجه:

نوافذ وإطلالات تنويرية نافذة 02 منهج العقل العلمي وموضوعية الحوار إطلالة 20 بين منطق الإصغاء الإيجابي للآخر وبين تجاهله

نوافذ وإطلالات تنويرية    نافذة2:  منهج العقل العلمي وخطل إلغاء التناقض إطلالة19:  بين منطق التسامح في قبول الآخر لتغييره وبين تضليل الخضوع لفلسفته 

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية نافذة2: منهج العقل العلمي وفلسفة التسامح إطلالة 18: منهج العقل العلمي ومبدأ احترام التعددية والتنوع في الوجود الإنساني    

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح17\إطلالة17   التسامح فلسفة تتضمن خطى عميقة تعبر عن قوة أصحابها  

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح16\إطلالة16  مدخل في مفهوم التسامح وقيمه السامية

  

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح15\إطلالة15  مخاطر التعصب في تعطيل منطق العقل العلمي وتشويهه  

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح14\إطلالة14 منطق العقل العلمي بمجابهة عقبة الخضوع لرغبات تتبدى سلبياً 

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح13\إطلالة13 كيف تكونُ (الشهرة) بتعارض مع اشتغال العقل العلمي؟ ومتى؟ 

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح12\إطلالة12 كيف يكونُ انتشارُ رؤيةٍ عقبةً بوجهِ اشتغال العقل العلمي؟ 

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح11\إطلالة11 الخضوع لسلطة (القديم) تبريراً للعجز وارتكاب الأخطاء 

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح10\إطلالة10 عقبات تجابه اشتغال العقل العلمي فتسطو على وجودنا ونظمنا الاجتماسياسية

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح9\إطلالة9 عقبات تجابه اشتغال العقل العلمي بين جذورها وتمظهراتها اليوم 

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح8\إطلالة8 منطق اشتغال العقل العلمي ومبدأ التجريد في تفاصيل وجودنا الإنساني

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح7\إطلالة7 منطق العقل العلمي وإشكالية الدقة والغموض في قراءة الواقع

زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية ح6\إطلالة6 اليقين في منطق العقل العلمي يبقى بالأساس موضوعياً لا ذاتياً

نوافذ وإطلالات تنويرية ح5\إطلالة5 منطق العقل العلمي بين سمتي الخصوصية والشمولية

نوافذ وإطلالات تنويرية ح4\إطلالة4: إدراك أسباب الظواهر مقدِّمة لمعالجتها وتجنب سلبية الوصف

نوافذ وإطلالات تنويرية ح3\إطلالة3 طابع التنظيم في منطق العقل العلمي وتناقضه مع عشوائية الاشتغال

نوافذ وإطلالات تنويرية ح2\إطلالة2 تساؤلات بشأن محاولات قطع الصلة بمنجز الأمس التنويري وتشوبهه لمنع مراكمة الإيجابي

نوافذ وإطلالات تنويرية ح1\إطلالة1 تساؤلات بشأن اشتغال منطق العقل العلمي لوقف تداعيات خطاب الخرافة

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *