انقذوا الشعب السوري بمشروعات السلام لا الحرب

انقذوا الشعب السوري بمشروعات السلام لا الحرب.. وليكن شعار الحل والبديل الأنجع: *لا للعنف وأدواته،  نعم للسلم ودمقرطة الحياة وأنصاره وداعميه

في ضوء حملات التجييش والحرب الإعلامية السياسية وما تتركه من آثار تخريبية على جهود السلام بذريعة التصدي لاستخدام السلاح الكيمياوي الذي طالما برهنت التجاريب الأممية على حجم الكذب والتزوير والدجل في خطابه السياسي ومآربه الكارثية على شعوب المنطقة.. لنرفض التدخلات التي تفاقم الأوضاع وتهدد التوجه نحو الحلول السلمية ولنعزز التضامن مع حقوق الشعب في الخلاص من قوى الإرهاب المدعومة من قوى إقليمية ودولية طامعة واستكمال الطريق بدمقرطة الدولة وعلمنتها وإبعاد قوى الظلام التي سطت بالنموذج العراقي على الحياة وخربتها ومازالت.. 

 

 

انطلقت الثورة السورية سلمية الطابع والهدف لتغيير النظام ووقف طغيان عنفه؛ لكنّ الشعب وثورته سرعان ما وجدا نفسيهما في مستنقع الحرب الدموية، التي أطفأت أضواء الثورة السلمية. تلك الحرب التي دارت بين فكي رحى النظام والإرهابيين لاختطاف الثورة وإخضاع الشعب. وبأغلب خطى ذاك الصراع الدموي تمَّ ارتكاب المجازر وأشكال الجرائم سواء منها جرائم ضد الإنسانية أم جرائم الحرب على وفق المشاهد الجارية…

وما زاد حجم التضحيات الباهضة للشعب السوري وأطيافه هو مرجعيات القوى الإرهابية الموجودة خارج الحدود السورية حيث المطامع والمآرب الإقليمية والدولية التي أوغلت أكثر بإيقاع مزيد قرابين وضحايا لتلك الحرب القذرة.. فحتى الآن، أخذت تلك الحرب الشعب بعيداً عن القضية التي انطلقت من أجلها ثورته، بقصد دمقرطة الحياة وإزالة البلطجة والعنف وآثارهما من حيوات الناس بخلاف ما انتهت إليه جريمة سرقة الثورة وفرض قوى البلطجة لتشارك النظام أيامه ووقائعها…

وباتت بعض قوى إقليمية وأخرى دولية تسوِّق للإرهابيين ومجموعاتهم الوحشية الهمجية المسلحة بوصفهم بالمعارضة وهم ليسوا سوى وحوش كاسرة تخوض الحرب بالنيابة؛ متغافِلةً عن الدور الخطير الذي يلعبه دعم تلك الشراذم الإرهابية.. الأمر الذي أوقع أفدح الخسائر ببسطاء الشعب ممن لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الحرب التي استنزفتهم وجودياً مثلما صادرت حقوقهم في العيش الحر الكريم بسلام..

ولعل تلك الدروس الدموية البليغة تؤكد أنه مثلما أطاحت جرائم الإرهابيين وشراذمهم بمصير الشعب وأسرتْهُ في أتون محارق هولوكوست جديدة فإنّ أية حرب جديدة، تطبل لها قوى دولية بعينها خلف أمريكا، ستطيح بآمال الحل وتوقِع تضحيات بحجم أكبر آخر ما يتطلب التمعن بقرار ولوج طريقها، ذلك أنّ مصالح الشعب تكمن في وقف كل أشكال العنف والحروب وفرض إرادة السلام بدلا عما يجري التجييش له.

لقد بلغت نتائج تلك الحرب أرقاما صادمة بكارثيتها وهي بالمناسبة أرقام لا ترقى للحجم الحقيقي أو تكشف عنه؛ حيث ظروف قاسية تمنع من حصر التضحيات المهولة. لكن على وفق التقارير الأممية والمحلية فإن حجم الضحايا القتلى بلغ أكثر من 400 ألف شخص منذ عام 2011 حتى 2017، أو نصف مليون على وفق إحصاءات أخرى؛ فضلا عن أكثر من 5 ملايين طالب لجوء ممن جرى تسجيله بالفعل، وصل بعضهم لأوروبا ومازال آخرون يعانون من أزمات المخيمات وطبيعة الاستقبال وأشكال التمييز والضغوط غير الإنسانية.. وهناك أيضاً، أكثر من 6 ملايين نازح.. فيما التقديرات الأولية تقول إنَّ: 540 ألف شخص ما زالوا يعيشون في مناطق محاصرة.

إنّ ملايين أخرى من اللاجئين والنازحين مازالوا خارج قيد التسجيل المحلي والأممي وهم بأوضاع يرثى لها تهدد حيواتهم قبل مطالبهم.. وهناك أعداد مهولة من الجرحى (حوالي 2,5 مليون جريح) مع تلك الضحايا المدفونة بمقابر جماعية أو تحت الأنقاض وتلك مجهولة المصير حيث تناثرت بوحشية لا توصف أشلاء البشر على خلفية تلك الجرائم الدموية وآلتها الجهنمية.

إنّ جرائم الإبادة والتقتيل الجماعي تُرتكب يوميا من مختلف مَن له مصلحة في إدامة الحرب سواء من طرف النظام وأسباب خوضه الحرب الحالية أم من الميليشيات والشراذم التي تُسقِط على نفسها قدسية مزيفة كاذبة بمرجعيتيها الإقليميتين، الإيرانية والتركية؛ لتبرر بادعاءاتها ومزاعمها تلك الفظاعات والفواجع المهولة..

ولعل استخدام الأسلحة المحرمة، وتحديداً منها الكيمياوية، من فرقاء الحرب البشعة هو الآخر مفردة من مفردات الهمجية المدانة إنسانياً بقوة وأيضاً المحظورة بناء على القوانين والاتفاقات والمعاهدات الدولية.

إنَّ ما يحتاجه الشعب السوري اليوم؛ بعد كل تلك المهالك، ليس استغلال هذه المنصة أو تلك من مفردات الحرب الدائرة لمزيد تدخلات خارجية تعقِّد القضية وتفاقِم مجريات الحرب. فالشعب السوري لا تعنيه أولوية من ارتكب الجريمة من طرفي الصراع اللذين يبغيان استعباده، بقدر ما يعنيه ما تفرضه أوضاعه المأساوية من أولوية استعادة السلام وتطمين الاستقرار والأمن والأمان ومن ثم بالتأكيد إطلاق جهود التحقيق الملتزم بالقوانين بتجرد من الغايات السياسية والمآرب التي تبرر أو تسوق للتدخلات و\أو لتناهب الكعكة السورية بين أطراف من ذوي المصلحة الجدد من ورثة الاستعمار القديم.

وبناء على كل ذلك فإنّه يُفترض بجموع الأخيار وممثلي الشعوب بالخصوص منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والنشطاء في حركة السلام العالمي أن يؤكدوا اليوم بإجماع واسع على:

  1. إدانة كل الجرائم المرتكبة في سوريا سواء منها جرائم ضد الإنسانية أم جرائم الحرب وكل الجرائم الجنائية بتنوعات ما يحكمها من قوانين بكل تفاصيل فواجعها ومآسيها. ومن تلك الجرائم الأبشع، تجرُّؤ أطراف الحرب على استخدام السلاح الكيمياوي والأسلحة المحظورة كافة بما فاقم و وسَّع من دائرة الضحايا المدنيين حيثما اُستُعمِلت.
  2. وأن تؤكد هنا معاً، أنَّ حقوق الشعب السوري ليست بقضية مقصورة على مطلب الكشف عن مستخدمي الأسلحة المحظورة والكيماوية منها بالتحديد مع أهميتها القصوى ولكنّ حقوق السوريين الآن، تكمن بأولوية إنقاذ المحاصرين من قبضة الفتك بهم وبحيوات أطفالهم سواء بوساطة الرصاصة أم بعدم توافر الغذاء والدواء ومجمل المساعدات الإنسانية.
  3. وقوى الخير والسلام ينبغي أن ترى ببصيرة أن الأهداف السامية النبيلة الممثلة في استعادة الحقوق وكل ما توفره القوانين الأممية لا تمر عبر وسائل غير نبيلة كما تشوق له أصوات التجييش للحرب؛ فحقوق الشعب وحرياته ومطالبه حين تأتي بمشروعات السلام وأدواته فهي الأصدق بتلبيتها؛ فيما الحرب لا تلقي دوماً إلا بظلالها البشعة باتجاهات أشد تفاقماً وفتكاً وإجراماً وتعقيداً.

ولعلنا في حركة حقوق الإنسان المحلية والأممية العالمية وبحركة السلام نؤكد بأشد ما يمتلكه خطاب التعبير عن مطالب الشعب السوري من قوة على أنْ يكون الحل الشامل سلمياً؛ بحيث يبدأ بسحب كل الميليشيات وتفكيك المجموعات المسلحة وحظر الشراذم الإرهابية كافة ومعالجة وجود قوات التحالف الدولي بما يستجيب لفرض أسس الأمن والأمان وفتح طريق السلم الأهلي من أجل سوريا جديدة تنتمي دولتها إلى منطق العصر وقوانينه حيث العلمنة ودمقرطة الحياة وإبعاد المؤسسات عن سطوة الدين السياسي وألا يُسمح لأي طرف يستغل خطاب التشدد والتطرف في مواصلة إرهاب المجتمع كما ينبغي ألا يسمح للقوى الإقليمية من فرض منطقها ومآربها كما بمطاردة مكونات الشعب وحرمانها من حقوقها بالإطار الوطني السوري المستقل.

وبناء على أسس تلبية حقوق الإنسان وإرادة السلام الأممية المتطلع إليها لاستعادة الأمن والأمان والسلم الأهلي فإننا لا نرى في تجييش الأساطيل وأشكال زيادة العنف وإشعال الحروب أمراً سليما ونعتقد بأنه بتلك الأساطيل لن تتاح أية فرصة أو أمل لإنقاذ الشعب بمن فيه الأبناء من الأطفال والنساء والشيوخ والجرحى والمصابين والمشردين والنازحين،  وسيكون للغة العنف والحرب تلك، نتائج عكسية سلبية خطيرة لا تهدد سوريا حسب بل تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي العالمي وستدفع بموجات مليونية جديدة من طالبي اللجوء.

فلنقف سوياً، مع مشروعات السلام بالأسس التي سعت إليها المؤتمرات الدولية المختصة المنعقدة في جنيف وسوتشي وغيرهما.. ولنرفض معا كل أشكال العنف والحرب ليبقى السلام طريقا وحيداً لإنقاذ الشعب السوري ولمنع حال المتاجرة به بما خدم أطماع أنصار الحروب إقليميا دوليا.

لتعلو أصواتنا جميعاً، عاش السلام طريقا لأهلنا في سوريا وحلا شاملا ونهائيا بلا نظام الدكتاتورية وطغيانه واستبداده وبلا قوى العنف الإرهابية الإسلاموية الدموية من ميليشيات الخراب الظلامية.. ولتكن الإرادة الدولية طريق فرض السلام لا إشعال الحروب، وهذا سيكون كما يتطلع الشعب السوري يوم ينفضّ عن تلك القوى التي نصَّبت نفسها وكيلة عن قوى خارجية لا تريد بالسوريين خيراً ويوم يلجم أصوات الخيانة والتآمر والاتجار بالقضية…

فلتنتصر إرادة الشعب السوري في استعادته حقوقه وحرياته كافة وليتحرر من كل اشكال التبعية والهيمنة لأي كان وليحيا حراً مستقلاً مجدداً وإلى الأبد.

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *