الاعتداء على التدريسيين ظاهرة مرضية تتطلب الانتباه والمعالجة العاجلة

الاعتداء على التدريسيين!؟
إنني في هذه القراءة وما تناولته بالاقتراح والمعالجة إنما أتطلع لأنجع أسس الاتفاق بيننا وتجنب تبرير أي ممارسة عنفية وأي اعتداء بخاصة ما يطال التدريسيين؛ لأن التبرير هو فعل تأويلي يتستر خلف تلاعبات، قد تسمح باستمرار العنف… وأي منطقة للاختلاف هنا مع هذه المعالجة يجب النظر إليها انطلاقا من قصدية واحدة، هي القصدية التي تقف على أعتاب احترام المعلم وفرض عملية تعليمية سليمة لا تقبل انتهاكا أو اعتداء من أي شكل ومصدر حيث نلتقي بمنطق اتفاق وتفاعل إيجابي بمنطقة تحرير العلم والمعلم من خطاب العنف وعدوانيته وهو ما لا يمكن قبول الاختلاف عليه وفيه… شكرا للقراءة والتفاعل

الاعتداء على التدريسيين ظاهرة مرضية تتطلب الانتباه والمعالجة العاجلة

استنكرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مؤخراً، الاعتداء على رئيس جامعة عراقية، وأعربت عن قلق من تفاقم حالات استهداف الأساتذة وترويعهم، وطالبت الجهات الأمنية بتكثيف أشكال الحماية.

وكانت الوزارة أصدرت بيان مخصوصاً، قالت فيه إنها: “تستنكر الاستهدافات المتكررة لأساتذة الجامعات والأكاديميين التي كان آخرها ما تعرض له رئيس جامعة ميسان من اعتداء مباشر على منزله”. فيما أكد بيان الوزارة على: “استمرار المؤسسات الأكاديمية بدورها العلمي والثقافي وتقديم ما تمليه عليهم رسالة التعليم العالي وأهدافها السامية في خدمة المجتمع”. وقد تابع المجتمع العراقي حالات الاعتداء على الأطباء في أماكن العمل وعلى الموظف العمومي فضلا عن ظواهر العنف التي شملت تفاصيل اليوم العادي….

لكن بالتوقف عند ظاهرة العنف التي طاولت المعلم والتدريسي في مؤسسات التعليم ومنها الجامعات؛ فإننا نجد اتساع الظاهرة وتفاقمها أمراً يفرض بإلزام وإلحاح دراستها وإيجاد مواقف وحلول تتناسب وإسقاطات مخرجاتها الخطيرة,,,

إن حالات الاعتداء على التدريسي قد تنبع من اختلال مفهوم الحوار بين الزملاء والإدارات ومحاولات فرض سلطة وأوامرها بالعنف والانتهاك وقد تأتي من محاولة كبح الغش الفردي و\أو الجماعي أو وضع تقييم للتحصيل العلمي بين الفشل في تجاوز اختبار والنجاح الضعيف الذي يراد تغييره لتفوق فضلا عن اعتراضات عشوائية اعتباطية لطلبة على مقررات وأساليب تدريس وتعامل من طرف اساتذة في اثناء ممارسة المهنة أو بخلفيتها وإن كانوا خارج المؤسسة التعليمية.. وهكذا تتنوع أشكال الاعتداء والتجاوز والانتهاك ومقاصدها ولكنها تبقى تمارس فرض سطوة العنف وبلطجته سواء لفظياً أم ماديا بما قد يصل للتصفية الدموية…

إنني هنا أتطلع لأنجع أسس الاتفاق وتجنب تبرير أي ممارسة عنفية واي اعتداء لأن التبرير هو فعل تأويلي يتستر خلف تلاعبات تسمح باستمرار العنف واي منطقة للاختلاف هنا مع هذه المعلجة يجب النظر إليها انطلاقا من قصدية واحدة تقف على أعتاب احترام المعلم وفرض عملية تعليمية سليمة لا تقبل انتهاكا أو اعتداء من اي شكل ومصدر

ومبدئياً يمكن ملاحظة الآتي من الأسباب التي تقف وراء الظاهرة، ندرجها هنا بإيجاز:

  1. تفشي ثقافة سطحية ترى أولوية المالي على حساب المعنوي القيمي.
  2. تفشي التنافس السلبي ومنطق الغالب والمغلوب في تطمين وسائل العيش.
  3. انهيار المنظومة القيمية للمجتمع أمام خروقات ظواهر سلبية مثل: الإدمان بأشكاله تشوهات العلاقات العائلية والمجتمعية بعامة..
  4. تراجع السلطة التربوية للعائلة وتشوه التزاماتها بانحدارها باتجاه نصرة الأبناء حتى عند ارتكاب الخطأ..
  5. صعود مفاهيم العنف بأشكاله اللفظية والمادية كالضرب واستعمال السلاح بوصفه ظاهرة متفشية اخترقت المنظومة القيمية العامة…
  6. ضعف سلطة القانون سواء في إطار الدولة بتراجعها لصالح قوانين ما قبل الدولة الحديثة وتشكيلاتها كالتدخلات العشائرية أم في إطار المدرسة والجامعة التي تهاوت قيمتها بتراجع قدرات الضبط لإدارتها وسلطة تلك الإدارات أمام مصادر الضغط السائد اقتصاديا ماديا ومجتمعيا قيميا ..
  7. انهيار قيمة التدريسي سواء لعوامل ذاتية تخص إعداده أم لعوامل موضوعية تحيط باشتغاله وبمنطق ولادة مواقف الطلبة وأوليائهم..
  8. وجود قوة داعمة لممارسات العدوان على التدريسي ومؤسسته لا تجد ما يصدها، مثال عناصر القوى الميليشياوية من جهة وسلطة المال المافيوي الفاسد ووجهاء وما يقف وراءهم من مصادر قوة عنفية من جهة أخرى دع عنك ما أشرنا إليه من ضياع فرص تطيب لوائح تلك المؤسسات بوجود لوائح فوقها سلطةً ونفاذاً…
  9. إكراه التدريسي على تمرير كثير من الاعتداءات والممارسات الخاطئة بخلفية خضوعه للابتزاز لضعفه أو لشدة الضغط عليه أو لكليهما سببا لهذا التراجع..
  10. التدخل المباشر لعناصر تُسقِط على نفسها القدسية الدينية أو السطوة المجتمعية العشائرية أو العائدة للوجاهة المالية أو العنفية المسلحة حيث التخريب بمقررات الدراسة ومناهج التدريس خارج سياقاتها المعهودة..

إنّنا أمام واقع خطير ما عاد المعلم تلك الشخصية التي تكتسب احترامها من فهم دورها في بناء الإنسان والعقل العلمي فيه ولا عاد هو المربي كما أن الأستاذ الجامعي بات مجرد موظف بمهمة تلبية عبور أشخاص مرحلة كتاتيبية ملائية بلا محتوى لبناء القدرة التحليلية الملغية من معاجم العمل بعد الشلل الشامل في نواحي العمل الاقتصادي وعجلته التي توقفت وتعطل فيها كل مسار بنيوي…

وإننا أمام مشهد الشخص الوحيد الذي يسود ويُحترم هو الذي يُخشى جانبه لانتمائه لوضع عشائري ووجاهة أو ملكية المال الفاسد أو السلاح الميليشياوي وهو الأعلى في هرم العنف السائد والممارَس الذي يُرتكب بحق التدريسي ومؤسسته..

ولا شكّ أن العنف السائد ومنه العنف الأسري وطابع تشكيل الشخصية عند الطلبة وعموم الوجود المجتمعي يدفع لتفريغ أشكال العنف بكثير من الأحيان، في نطاق العلاقات بين الطالب والأستاذ الأمر الذي يدفع لاستغلال ذاك العنف لابتزازٍ يوفر ((تنجيحا)) للفاشلين واعتماد ((تفوقهم)) بالدرجة بعيداً عن معطيات القدرات العلمية والكفاءة وعن صواب التقويم وسلامة النهج في تزويد الطلبة بمحتويات المقررات ومضامينها المعرفية العلمية…

إننا هنا لسنا بحاجة لطلب قوة عنف الدولة مقابل عنف الفوضى وعناصر ابتزازها وعدوانها بصورة ضيقة محدودة؛ لأن ذلك نفسه هو جزء من المشكلة عندما تتحول سلطة الدولة إلى عنف استغلالي لا إلى سلطة تنظيم وإدارة وتوجيه لإرادة القانون والقيم السامية لعصرنا ونضج علاقات الحداثة في إطاره…

ولكن الحل الحقيقي هنا يكمن في:

إنهاء تفشي ثقافة الفوضى والاعتباط وسطوة من يمتلك قوة البلطجة والابتزاز وفرض سلطة القانون ونشر ثقافة بديلة تقوم على إعادة التوازن للعلاقات المجتمعية الأنجع والأكثر سلامة واحترام الإنسان كما تكمن في إعداد سليم للتدريسي وتوكيد مكانه ومكانته مجتمعيا بما يتأسس على مناهج عمل متقدمة تعنى بالعلم أولا وآخرا وطبعا مع تحرير عجلة الاقتصاد والتحول من الريعي المافيوي إلى الاستثماري البنيوي القائم على وجود الكفاءات ونهوضها بمهامها ومطالبتها بواجبات تقتضي احترام التحصيل العلمي بما لا يقبل تلاعبا أو ما شابه من أباطيل تمرر فرص العنف والاعتداء…

ومن أجل ضمان سلامة التدريسي يجب احترام استقلالية الجامعة ومنع التدخلات السافرة في شؤونها وحمايتها من الخروقات العنفية بإعادة الاعتبار للحرم الجامعي وحرمة وجوده وسلطة لوائح العمل في إطاره.. كما ينبغي اعتماد فلسفة عمل منضبطة لا تسمح بوجود العناصر المرضية التي تتسبب بالاعتداءات والتجاوزات أو الانتهاكات وأشكال الابتزاز..

وينبغي بالتأكيد توفير القوانين المجتمعية والرسمية في حماية مؤسسة التعليم التي ستبقى وجوداً نوعياً ذا أولوية لا تقبل الانتقاص والجدل لأي سبب كان. وحينما ستكون الشهادة العلمية ذات قيمة ومكانة سيكون للمعلم والتدريسي بعامة مكانه ومكانته بالاستناد إلى الموقف المجتمعي الأعمق والأنجع..

نعود لتوكيد إدانة واجبة تستند إلى حملةٍ، يلتئم العراقيون حولها استعادةً لزمن كانت حضارتهم بين أول من أوجد مهنة التعليم والمعلم وافتتح المدرسة وأكد احترام المعلم انطلاقا من مكانه ومكانته وعمق ما يقدمه.. إننا بحاجة لمراجعة جدية مسؤولة تنطلق من المصارحة والمكاشفة التي لا تخضع لاستثناء يخص هذا الطرف أو ذاك أو هذا التفسير التأويلي أو ذاك مما يتستر تحت قدسية زائفة أو خداع سلطة المال الفاسد أو سطوة السلاح وبلطجته وابتزازه…

فهلا تنبهنا قبل فوات أوان!؟

وليكن العام 2021 عام الحملة الوطنية لثقافة السلم الأهلي واحترام العلم والمعلم الأمر الذي يكفل محاسبة كل أشكال العنف والتجاوز والانتهاك والعدوان ويعيد الاحترام للتدريسي ولمؤسسات التعليم كافة عبر تغيير نوعي شامل يُطلق صرخة الاحتجاج التي لا تتوقف عند الإدانة ورفض العنف وإصدار بعض لوائح وقوانين بل حملة تلج عميقا في تبني البديل وتلبيته بجهود مبرمجة تعتمد أنشطة وفعاليات تؤكد أدوار المعلم الذي تكرمه وتعتني به ومطالبه وتعيد له هيبته ووقاره لا من فراغ بل من بنائه نوعيا وتكوينه علميا تربويا قيميا في إطار تفعيل ممنهج لتطبيق القوانين الراعية كالتي تم إصدارها حتى الآن وفي إطار تفعيل برامج تعزز الثقافة البديلة مدتمعيا وتنهي زمن فوضى السلطات العائدة لرؤوس مصطرعة بخلفية انتشار الميليشيات بكل مسمياتها..

 

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702506

 

 

******************************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *