بين تفعيل بعض بنود معاهدة لوزان والإعلان عن موتها بعد مائة عام شكَّلت المعاهدة أداة للإجهاز على تطلعات الشعوب وجديدها يسعى لتكريس مشروع العثمنة

في حوار مع وكالة أنباء هاوار نيوز كنتُ تحدثت عن معاهدة لوزان وتداخلات العمل بها بعد مرور 100 عام عليها وكيف يتم تجاوز بنود منها والتمسك بأخرى في إطار محاولات من الجانب التركي لاستغلال المتاح بين يديه لفرض رؤيته في إعادة تخليق السلطنة بمنطق العثمنة وسياسة الأخونة التي تريد لها أن تكون ممرها نحو البلدان العربية التي ظلت حركات سياسية تركية تعدها خيانة لامبراطورية أدخلت بلدان العربية وأخضعتها لمنظومة التخلف والظلامية.. الحديث بمجمله موحداً وهو كذلك متاح عبر رابط الوكالة على وفق الحوار الذي جرى والمعالجات الفكرية السياسية مفتوحة لمزيد حوار في ظروف تحتاج لمواقف جدية فاعلة قبل أن تفرز نتائج وخيمة لتسلل العثمنة والأخونة وسطوة انبعاث انكشاريتها من جديد!!؟

جانب من تساؤل وكالة هاوار للأنباء: ألحق سايكس بيكو الضرر بالعرب بشكل كبير فيما قامت معاهدة لوزان بتحقيق نفس الضرر بالكرد وتم تقسيم العرب والكرد . ما هي  أضرار معاهدة لوزان على الشرق الأوسط؟ وكيف لنا التخلص من تبعاتها؟

لابد لنا من أن نؤكد حقيقة التكامل بين العهود والاتفاقات الدولية في مفاعيلها واششتغالاتها. وعندما نقرأ تلك العهود سنجد الجوانب القانونية قد استندت إلى متغيرات العصر الحديث وليس إلى مجمل عصور الامبراطوريات وتناوبها على حكم العالم القديم..

وفي ضوء ذلك كانت سايكس بيكو من مخرجات الحرب الكونية الأولى وإعمال تقاسم أملاك الدولة بالإقليم العربي وشرق الأوسطي سبباً في تقسيم العرب وترسيم حدود فاصلة لدولة انفصالية جرى تحميلها أسباب التناحر والاقتتال بدل مرجعية إقليمية تحمل الهموم المشتركة على أقل تقدير إن لم نقل توحيد الجهود استجابة للمهام الداخلية والخارجية للإقليم..

ومع أن رديف ما ظهر عام 1916 للاتفاقية إياها كان وعود لممثلي الثورة العربية وغيرهم؛ كان اتفاقية سيفر إلا أننا سنجد أن تلك الاتفاقية إنما جاءت عام 1920 لتمرر ضغط افتضاح سايكس بيكو التي سبقت، وإن هي إلا هنيهة من الزمن كانت قد جاءت بظروف أخرى اتفاقية لوزان الثانية لتكون أداة الإجهاز على تطلعات الشعوب في تقرير المصير والحصول على حق الدولة الحرة المستقلة تحديدا هنا للكورد الذين وقعوا بذات الفخ الذي وقعت به شعوب المنطقة..

لكن، ماذا بعد مائة عام من لوزان الكارثة!؟ في حقيقة الأمر فإن أطراف بعينها تسعى لتسويق انتهاء صلاحية الاتفاقية مع أنها بلا إشارة فعلية لذلك، وهي بهذا لا تقصد عودة لسيفر! ولكنها تبحث عن استغلال حال التوازن المختلة راهنيا لمصلحة اجترار أوهام إعادة السلطنة التي انتهت وتبخرت مع التاريخ والماضي الذي ولّى ومات بضخ فلسفة العثمنة بروح الأخونة وفاعلية أيديولوجيا ما يسمونه الجهاد ونصرة الله بحصر تمثيله على الأرض بأطراف تبحث عن إعادة دولة دينية، أو دولة الخلافة بما يمهد لأحلام توسعية ستهز الشرق الأوسط مجددا فمنه تمنع حق تقرير المصير عن الكورد ومنه تعزز هيمنتها عليهم وقد تكسب قسما (أخوانيا) يساند مشروعات أوهامها المرضية التي ترى أنها ستقوم على أنقاض ما تنوي هدمه من الدولة العلمانية من جهة والمجتمعات ديموقراطية المنظومة والنهج…

إن سعي تركيا الأردوغانية يقوم على مزيد اختلاق مشكلات بمجابهة دول المنطقة وإشاعة الهشاشة والارتباك في استراتيجياتها بما يسمح لها بخاصة مع مئات المواقع والقواعد العسكرية فضلا عن استغلال ما كسبته وسط (التركمان) من قوى طورانية إنما بخلفية العثمنة وسلطنتها أقول بما يسمح بفرض سلطة انتقالية ستمهد لسياسة توسعية مفضوحة..

ولا يمكننا التوقف في قراءتنا لأطماع متخفية بالأيديولوجيا وبنهج سياسي مرضي بل سنجد أن التمدد قد تمت قراءته بالفرق الميليشياوية التي باتت تساعد قوات مسلحة سواء في ليبيا أم خلف محاولات ترسيم حدود بحرية والتوسع نحو جزر بحرية وممرات تخدم تلك المآرب..

إن المشكلة ستكون من العمق في مناطق الجغرافيا السياسية بأولئك الذي يساندون الحلم الوهم التركي في تركيا المتأسلمة بالخلفية العنفية للجهاد الإسلاموي ولاجترار التاريخ المعادي لشعوب المنطقة وتحميلها جريرة سقوط سلطنة التخريف والظلامية وبالتنكيل الذي يذكرنا بمجازر السفاحين في الشام والعراق وغيرهما..

من هنا لابد من التنبيه إلى مصادر قوة تلك المشروعات الخبيثة وهي:

  1. تسويق انتهاء لوزان 1923 ببعض فقراتها التي تخدم المشروع السلطاني للعثمنة.
  2. التحضير للجرائم التوسعية بوساطة لا عشرات بل مئات المراكز والنقاط والقواعد العسكرية، مثلما نراه في العراق وسوريا وليبيا…
  3. التمدد باتجاه آسيا وأفريقيا وحتى أوروبا وإن بصيغ متخفية بما يحمل الوهم أو الحلم المرضي..
  4. إثارة المشكلات الكارثية لتكريس هشاشة دول الشرق الأوسط ولاختلاق التناحرات والاشنغالات بقضايا تُبعد النظر عما تستهدفه تركيا الأردوغانية..
  5. البحث عن قوى مؤدلجة تخدم مشروع العثمنة وهي قوى أخوانية وسط شعوب المنطقة تتفق وعبث اجترار التاريخ ونماذجه ما قبل الدولة الحديثة..
  6. بالمحصلة تمزيق دول المنطقة ووضعها بتناقضات بين الدولة الوطنية لمخلفات سايكس بيكو وبين التناحر الداخلي وأوهام التبعية لأطراف إقليمية أو دولية للشوشرة على أي استقرار..
  7. اختلاق التناحرات وسط الأمتين العربية والكوردية واحتراب شعوبهما بالمستويين الإقليمي والمحلي المخصوص بالهوية القومية لكل منهما..
  8. إخراج مشروعات العثمنة وجوهر الأخونة بالأيديلوجيا السياسية من أدراج التاريخين القديم والحديث لفرض الأمر الواقع..

إننا مقبلون على أوضاع تتطلب:

  1. الوعي باستراتيجيات الآخر بالأخص هنا تركيا الأردوغانية وقوى إقليمية أخرى. وبالتشخيص المشروع الإسلاموي أو الديني المتشدد للمنطقة برمتها..
  2. مطلوب وضع أولويات المجريات بما يكافح ذاك المشروع بخلافه ستخض قوى المنطقة وشعوبها لفخاخ المشاغلة من طرف من يستهدفها ويحمل أحلامه محمل التنفيذ..
  3. لابد من مؤتمر وحدة قومي للعرب والكورد والقوى القومية والشعبية المدركة للمشروع ومخاطره.
  4. من المفيد البحث العلمي لأسس أو وسائل البدائل والحلول قبل أن نضع شعوبنا بمجابهة مع أمر واقع يدوم بالعنف والحديد والنار المدى الذي دامته سلطنة الظلام العثمانية عندما طعنت كل قيمة حضارية لشعوب المنطقة والعالم..

أجدد التحية لكم ولما تنهضون به من فضح لهذا المشروع المضلل لجمهور والمستلب لمصائر شعوب وهو المشروع الذي سيعيد أزمنة العبودية والرق بكل مظالمها وشدائدها التي عرفها تاريخ العثمانية القديمة والجديدة..

الآلوسي: لوزان كانت أداة للإجهاز على تطلعات الشعوب وهناك مخططات خبيثة جديدة – وكالة أنباء هاوار (hawarnews.com)

يُرجى الضغط هنا على الرابط لقراءة جانب ضاف من المعالجة منشورة أيضا بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن 

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *