بين أن تكون عراقياً فتبني أو مستعبَداً بعضوية أحزاب الطائفية فتهدم

اليوم بعد كل تلك السنوات العجاف، بات ملزماً على كل عراقي أن يختار بين الانسحاب من أحزاب الطائفية التي لم تفعل سوى الهدم والتخريب والتدمير ونشر قيم الفساد وجرائمه.. إذ ليس معقولا أن يكون كل هذا المشهد المأساوي الظلامي الذي يحياه العراقيون ناجم عن خطأ أو هفوة هامشية بل هو من الحجم لا يمكن إلا أن يكون نتيجة فلسفة النظام الذي تحكّم بالبلاد والعباد. ومن أجل ذلك ومن أجل التغيير وولوج دروب البناء وإعمار الروح في الشخصية العراقية التي أمرضوها لابد أ,لا من الانسحاب من عضوية تلك الأحزاب التي مازالت تتعكز على قشمريات لا يمكنها أن تجيب عما جرى لأنها هي السبب فيه..

هل الموظف البسيط هو سارق مئات المليارات من الدولارات؟ وهل المواطن الحر الأبي هو الذليل الذي يقتل جاره ويهجّره وينهب داره؟ هل المواطن الباحث عن لقمة عيشه وأمن عائلته هو من يثير كل ذاك الاحتراب الطائفي؟ وهل هو من اختلق التقسيم بين أبناء الشعب على خندقين متعارضين متقاتلين؟

أم هو من يدير البلاد ويوجهها إلى حيث خدمة مآربه عبر مشاغلة الناس باقتتال لا ناقة لهم فيه ولا جمل!؟

إنّ واجب العراقي ليكون عراقياً مستحقاً للحرية ولتلبية مطالبه أن ينظر إلى نفسه وقيمه ومبادئه وسياسته.. أن يغيّر ما بنفسه ليتم تغيير الأوضاع. وأول الأمور أن ينسحب من أحزاب أهلكت الزرع والضرع وهي تقترب من شمول جرائم الإبادة الجماعية لقطاعات جديدة من الشعب ومكوناته.

إن واجب الانسحاب من حزب طائفي اياً كان لونه وادعاؤه يظل أولوية عليا للتغيير ولإنهاء مسلسل الجريمة والشروع بمهام بناء الإنسان العراقي الجديد، البناء بأسس وقيم سليمة لا تقبل المجاملة على حساب حاضر البلاد ومستقبلها وعلى حساب العراقي اليوم وابنه في الغد.

إن واجبك أيها العراقي اليوم ألا تصمت على ما يجري. ألا تستمر مغمض العينين. ألا تستمر بترددك في اتخاذ القرار فقد حانت لحظة الحسم أو أنك ستسمح لقادة الطائفية بالتغوّل عليك وفرض مظام الطغيان بعد أن استنفد نظام الطائفية والفساد ادعاءاته وأضاليله.

الانسحاب من أحزاب الطائفية لا يخل بإيمانك بعقيدة ولا بدين أو مذهب. بل يتحرر من منطق الخرافة والدجل والتضليل ليستعيد الإيمان الصحيح. والانسحاب من أحزاب الطائفية يعني تحررك من منطق العبودية والخنوع لساسة الفساد وفلسفتهم الطائفية التي اغتالت أعز الأبناء والأحباب والأصحاب في معاركها المختلقة.

الانسحاب من أحزاب الطائفية ينهي أرضية وجود الميليشيات التي مارست جرائم البلطجة وإفاسد الحياة والسطو على السلم الأهلي وتحويل البلاد إلى جهنم لأهلها بدل أن تكون جنة يبنونها لحيوا بكرامة في ظل ما ينتجون من خيرات..

الانسحاب ليس ضدك وليس ضد ما تؤمن به بل هو ضد قادة الطائفية والفساد وهو جوهريا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن استهلكوا ثروات البلاد وأكملوا تصفية أرواح العباد!

إنهم اليوم لم يبقوا في الخزينة إلا القليل النادر الذي لا يكفي لتسديد العجز الذي أحدثوه بسياساتهم الرعناء وبفسادهم فتوجهوا ليرهنوا هذه المرة لا الأرض التي باعوها بأبخس الأثمان بل الإنسان العراقي ليكون عبدا لديون صندوق النقد الدولي التي لن يستطيع الفكاك منها لا هو ولا أبناءه طوال عشرات وربما مئات من السنين!

فهل يقبل عراقي لنفسه أن يبيعها ويكون عبدا هو وعائلته يعبثون به كما يريدون!!؟؟؟

هل يقبل شريف أن يجامل زعيم هذا الحزب أو ذاك أو يخجل من الانسحاب من عضوية حزبه على حساب شرفه وكرامته!!؟؟؟

هل بقي ما يبرر للعراقي عضويته في حزب واللهاث خلف من يدبج له الكلمات التي يضحك بها عليه منذ 13 سنة من الكوارث والمآسي؟

ألم يكتشف السارق الناهب؟ ألم يكتشف بعد المجرم الحقيقي لمآسيه والجرائم التي أتت على بيته؟

هل سرق الثروة موظف صغير من زملائه في دوائر الدولة!؟ وحتى كبار الناهبين من يغطي عليهم ومن هربهم إلى خارج البلاد لحيوا بأمان بثروات الشعب المنهوبة؟

لا تتركوا قادة الطائفية ونظامها يضللونكم بتبادل الاتهامات كلهم في سلة الجريمة التي تحيون جراحاتها الفاغرة..

ليس عيبا أن تترك حزبا كشفت زيفه وتضليله بل العيب كل العيب أن تبقى فيه ضد حقوقك وحرياتك وضد كرامتك وعرضك وعرض عائلتك وبناتك وأبنائك بل هي الجريمة والهوان..

اقل أمر تنهض به أن تترك تلك الأحزاب الطائفية بكل أجنحتها لا تستثني منها من يدعي شيعيته أو سنيته ولا من يدعي أي تيار داخل البيت الشيعي أو السني فجميعهم ليسوا سوى السبب الأخطر الذي أوصلنا جميعا إلى هذه الحال الكارثية وإن بقيت معهم ستأتي على ما تبقى لتحيا في كانتونات وشرذمة تعتاش على كاهلك وكواهل الأبناء والبنات يتاجرون بالجميع في إذلال وهوان واستعباد!!! فهل ترضى؟

لتنتهِ رحلة الانتماء لأحزاب الطائفية، فانتماء كل منا هو العراق وهويتنا البيت العراقي.

ومن أجل أن ننعتق ونتحرر ونستطيع استعادة قيمنا وصحيح خطى مسيرتنا لنكن في الحراك الوطني العراقي الحراك المدني الذي يشيد لنا دولة تحمي حقوقنا وتؤمّن حرياتنا وتعيد ثرواتنا المنهوبة وتمنحنا حقوقنا فيما ننتج وما تنتجه أرضنا من ثروات…

لن نستطيع تغيير ما جرى وما يرتكبونه من جرائم بحقنا إلا بإنهاء العلاقة معهم..

أيها السادة في التجاريب الإنسانية التي تحترم الإنسان عندما يقع خطأ بسيط يستقيل المسؤول وإن لم يكون مسؤولا عن ارتكاب الخطأ لمجرد تلبية العامل الأدبي الاعتباري في القضية.. وفي هذا العالم المتقدم المتمدن عندما تخفق حكومة وحزبها ينتخبون آخر ولا يسمحون لها بالاستمرار بل يعيدون الانتخابات لتولية بديل ويصوت حتى أعضاء الحزب الذي أخفق للبديل ولا حرج في هذا بل يجدونه قرار الشعب في اختيار الأفضل…

فكيف بنا وكل ما جرى في ظل حكم أحزاب الطائفية لا يمثل خطأ بسيطا بل جرائم مهولة وكوارث ومآس بلا حدود وهم يوغلون في دفع البلاد للتفكك والانهيار الشامل! ألا يجدر بنا أن نقول: كفى بعالي الصوت!؟

قولوا كفى فذلكم فخركم .. قولوا كفى فذلكم وعيكم وتمدنكم وصواب خياركم وإعلان انتمائكم إلى المجتمع الإنساني وحقكم في تلبية مطالبكم وحرياتكم.. قولوا كفى وانسحبوا من تلك الأحزاب وميليشياتها وعودوا إلى إنسانيتكم وهويتكم العراقية من أجل أن نبدأ معا وسويا مسيرة البناء والإعمار.

قولوا كفى بالانسحاب قطعا من كل تلك الأحزاب ومن خططها في الهدم وجرائم الفساد والإفساد واستعيدوا بيتكم عراقا حرا مخضوضرا وإلا فلات ساعة مندم وكونوا على ثقة لن ينظر إلينا أحد ولن يمد إلينا أحد يد مساعدة ما لم نؤكد أننا اخترنا طريق التمدن لا طريق قشمريات الخرافة التي يريدون إقناعنا بأنها الدين فيما الدين والمذهب منها براء.

ويكفي أنكم ترون اللعب والعبث الجاري

ويكفي أنكم ترون الفساد بات وباء يتغلغل في المجتمع

ويكفي أنكم ترون حيتان الفساد يتم تهريبهم كلما أنهوا مهمة سرقة مما ينهش في الوطن ويستذله ويستعبد أهله

ويكفي أنكم ترون الضحك على الذقون بدجل الخطب الرنانة وجعجعة بلا طحين

ويكفي أنكم ترون أن الفقر اصاب نصف المجتمع والبطالة على اشدها

ويكفي أنكم تخوضون حروبا نيابة عن حكام اليوم كما خضتم من قبل الحروب العبثية وذهب مئات آلاف العراقيين بل ملايينهم ضحايا وترملت ملايين وتيتم ملايين آخرون!!

ألا يكفي ما الذي يجعلك متمسكا بمن تسبب بكل هذا الخراب.

واجبك قبل أن يكون واجب غيرك أن تنسحب وتقول كفى

ولحظتها نبدأ رحلة التمدن والبناء وأنسنة وجودنا

ألا نصحو؟

ثقتي وطيدة بأبناء الشعب وبناته ووعيهم وإدراكهم وبقرارهم

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *