دروس البصرة بين ما كان وما ينبغي..!؟

مقتبس من المعالجة: “لم يعدْ ممكناً قبول وعودٍ تتحكمُ بها سلطاتٌ كرَّرتْ وبإصرارٍ، إعادةَ إنتاجِ نظامٍ، بات يتاجرُ لا بنهبِ ثرواتِ الوطن بل وأرواح مواطنيه.. وهنا يؤكدُ الدرسُ فحوى الحراك الجديد وهدفه، ما يتطلب حساباتٍ نوعيةٍ مختلفة.“..

لم تخمد بعْدُ، ثورةُ البصريين ضد ما طاولهم من فواجع وما اُرْتُكِب بحقهم من جرائم. والناسُ هناك لا تقرض الكلمات الفارغة اليوم، لأنَّها لا تمتلك وقتاً لتضييعه. إنّ الناسَ مشغولةٌ، لا بلقمة العيش البسيطة حسب وإنما بمعالجةِ مصائب تترى وتتوالى، نوائب تطيحُ بأبناءِ البصرة يومياً؛ حتى عبرت الإحصاءات لا عشرات ألوف بسيطة بل الـ120 ألف إصابة وحالة تسمم (المعلنة فقط) لتدخل أرقاما فلكية خطيرة…

هل تنجح الحركة الاحتجاجية البصرية في فرض إرادتها لوحدها أم تبقى بحاجة لموقف وطني من جميع أبناء الشعب بمختلف المحافظات؟ وهل تسد البيانات والوفود التضامنية تلك الحاجة النوعية الجوهرية؟؟

وإذا كانت أرقام أولى من ضحايا التسمم والمشكلات والتعقيدات التي جابهت صيف البصريين قد دفعتهم لتلك الانتفاضة الغاضبة، فماذا سيُقال اليوم وقد استنزفت الجرائم مزيداً من الأبناء فضلا عن استمرار فرض سلطة العنف وإرهاب حكومة ميليشياوية تخفي معتقلين وتتستر على انتزاع الاعترافات المزيفة والتعهدات المكرهين عليها!؟

من المؤكد أن ضمير الأهالي، بكل طيبة الروح البصري ودماثة الخلق عندهم ورائع السلوك والتعامل الذي يتسمون به وسعة الصدر ورحابته، من المؤكد أنه حتى بتلك السمات لا يمكن لذياك الضمير الحي أن يستكين أو يرضخ لضيم ولظلم من الطراز النوعي الخطير الذي يُرتكب بحق أبنائهم فالعدوان عليهم وعلى كرامتهم ليس مما يخضع لقيم التسامح والتفاعل إيجاباً حيث لابد من رد لا ينم عن أي تردد أو شعف بل عن قوة الإرادة الشعبية..

والمشكلة قبل الرد لا تكمن في البصريين بل في القيادات الطائفية الظلامية وبلطجيتها الميليشياوية من جهة وفي حتى التنويريين الذين يرون خطأً أن انتفاضة البصرة تبقى حصراً بهم وبصفة مطلبية (محدودة!).  وإن كان لا مشكل تجاه الظلامي وظلمه فتلك قضية الشعب يتخذ بشأنها ما يراه من وسائل نضالية فإن المشكل يكمن في تنويري يرى أن القضية بصرية لا تتطلب أكثر من مؤازرة ببيان أو بوفد يرسله!! وهو من أكثر المواقف خطلا واصطناعا لنكبة أو كارثة توريط للبصريين في حراكهم..

هل يمكن لتنسيقيات تنتجها الحركة الميدانية الآنية المباشرة أن تنهض بمهمة مجابهة خبرات السلطات ومن يقف وراء بلطجية ميليشياتها أم أنها تبقى بحاجة لخبرات نضالية عريقة بالتحامها بالقوى الوطنية المعنية بحركة التغيير؟؟ وما الموقف من تردد قوى التنوير المنخرطة بالعمل الحكومي ومنظومة قيمه؟؟؟

الصائب الصحيح والدرس المتحصل بعد الخذلان الذي تمّ إيقاع البصريين فيه  هو ألا يجري تعويل على طرف مازال يصر على طريق الخذلان ذاك الذي تحالف به التنويري إياه مع طائفي بامتياز ممن تم تزكيته لمجرد إطلاقه بضع عبارات مدبجة تسترا وتقية فيما يعلن صراحة انه المرجعية الناطقة لإقامة دولة إسلاموية بمنظومة ولاية الفقيه وآليات اشتغال لعبته…

إذن ينبغي أولا اعتماد تنسيقية موحدة مع انتباه شديد لتركيبتها وسلامة عناصرها.. وإيجاد وسائل الاتصال والشخصيات التي تنقل إعلاميا وتصل بالصوت إلى الفضائيات.. وضع خطوات عمل محسوبة وأخرى بديلة تستجيب لكل الاحتمالات. مع مد جسور التنسيق مع جميع محافظات الوطن ومع ركائز العمل الحقوقي المهجري بما يمكنه من جذب التضامن الأممي الوافي والفاعل..

أما اعتماد الاندفاعات الانفعالية واستثمار واقعة أو أخرى ميدانياً فهو ليس مما ينطلق بالانتفاضة الأشمل ولكنه مما يمكن أن يكون في خضم الحراك… ولكن من الدروس أيضا إيجاد وسائل حماية التظاهرات من الاندساس والتخريب والإيقاع بفخاخ العنف من جهة والاتجاهات غير السليمة في الممارسات السلمية…

على أن جميع تلكم الأنشطة وفرص نجاحها وضمانها لا تجري من دون سقف الحراك الاحتجاجي أي سقف القوى الوطنية عندما [بمعنى: المشروطة] تتبنى برنامج نضاليا ميدانيا يلتحم بالحراك الشعبي وعندما تكون بقيادة وطنية ديموقراطية تضم قوى التنوير جميعا..

تلكم دروس  لا ينبغي إهمالها وإلا منحنا فرصا مضافة لسطوة النظام المافيوي لدحر الانتفاضات الشعبية كما جرى مرارا وصارت ظاهرة الاحباط رديفة لقطاعات غير قليلة…

هل حراك البصرة لأمور مطلبية محدودة أم لإشكالية عميقة تتعلق بمجمل نظام حكمها؟ وهل حقاً أن الاستجابة لحاجة مادية أو روحية ملموسة تفي حق الحركة الاحتجاجية وتضحياتها؟

على أن الحذر ليس الركون لسكون الانكسار المؤقت.. بمعنى تستطيع التسنيقيات الميدانية أن تطلق تسلسلا لحركات احتجاجيةي مطلبية بحلقات متوالية ثم يجري التصعيد بوضعها بتزامن يمكن أن تتحد في ظل شعارات تجمع المطلبي والسياسي المجتمعي الأشمل حتى تتحول غلى حركة شعبية منضبطة بمستوى وعي للشعار وللخطوة وما يليها وللغاية النهائية ممثلة في فرض إرادة الشعب:

  1. في مطالبه الحقوقية.
  2. في مطالبه الديموقراطية السياسية.

وبالمجمل في تبني نظام بديل يُنهي جرائم الفساد ومنظومتها القيمية التي عبثت بالمجتمع والدولة بكل تفاصيلهما ويُنهي الجريمة وتفشيها ويبدأ مرحلة دولة تخضع لمنطق المؤسسة والقانون والهوية الدستورية الأنجع.

إنّ القضية ليست في ضفتي الصراع بين ظلامي تنويري ولكنها داخل التنويريين بعد أن ورَّط قطاع جوهري من الضفة الأخيرة المشهد وعقَّده يوم قبل بتحالف النقيضين معولا على لعبة شروطها ((ربما)) تتوافر ولو بمحددات شديدة التعقيد والحذر بدول نضجت فيها آليات العمل الدستوري المنضبط إلا أنها لا يمكن أن تكون موجودة بأي احتمال أو وهم لدول العالم الثالث أو كما توهم بعض عراقيين يتنويريين أنهوا علاقتهم بالتنوير إلا بوصفهم ظاهرة صوتية تخلت عن الفعل المناط بها.

أيها السادة، النضال ليس تمسكا باللحظي الآني العابر ولا بالانفعالي بالتأكيد ولكنه واجب قيمي مبدئي يختزن استراتيجيات وتكتيكات دقيقة بخلافها يقع بتوريط خطير وربما أودة بالحراك لمرحلة تتجاوز العقود…

إننا بحاجة اليوم إلى تلبية نداء لمؤتمر يبحث الآتي:

  1. استراتيجية مغادرة العملية التي باعت البلاد والعباد وآلية العمل في ضوء نهج نضالي موضوعي يتجاوز القدرية التي تسوّق للخنوع والاستسلام لخيار أحادي هو الخيار المرضي الذي تعبر عنه جملة: تريد أرنبا أخذ أرنبا، تريد غزالا خذ أرنبا ولا غير!
  2. توحيد اشتغال قوى التنوير و وتعزيز استفلاليتها.
  3. رسم برنامج جديد للبديل وسائل تحقيقه في ضوء المتغيرات الأخيرة.
  4. ضمنا مد جسور بين الحركة التنويرية الوليدة وقوى التضامن الأممي والدولي.

إن أية أنشطة تتجاوز على دروس انتفاضة البصرة والانتفاضات الشعبية منذ 2011 و2015 ستكون محكومة بالفشل ومزيد محاصرة بمناطق الاحباط والانكسار..

لهذا وجب التنبيه بما يفيد الحذر وليس التجبجب والتردد حيث لا مجال للتلكؤ والانحسار والتراجع بل إدامة زخم الحراك بطريقة تتناسب والتحديات الجارية يوميا في البلاد.

ُولهذه الكلمة الموجزة عودة أوسع وأشمل؛ بأمل انطلاقة جدية فاعلة في الأفق بزوغ شمسِها.

 

رائد الهاشمي مقالة رائعة وتصف بدقة حال البصريين وماتعرضوا له من التهميش والمعاناة في كل تفاصيل حياتهم الأساسية وفي اعتقادي ان التظاهرات الغاضبة ستعود لنشاطها بعد الزيارة الأربعينية وبقوة لأن جميع الوعود الحكومية التي طرحت لم تنفذ على أرض الواقع وبقي الحال كما هو عليه وعلى الحكومة الجديدة التعامل بفطنة مع مطالب البصرة المشروعة والمسارعة لاتخاذ حلول جذرية لنزع فتيل الأزمة واحتوائها قبل أن تمتد الى محافظات أخرى ويتصبح خارج السيطرة … تحياتي واحترامي لك استاذي الغالي بروف تيسير الآلوسي
٢

 

Tayseer A. Al-Alousi ممتن لمرورك البهي صديقي وما نرجوه أن يكون مطلب الشعب ومنه مطلب البصرة حاضرا من دون الحاجة لحركة نضالية تدفع مزيد قرابين لمن استهدفها ويستهدفها وعلى الرغم من أن الحكومات المتعاقبة هي واجهات النظام الواجب التغيير إلا أن الجانب المطلبي يبقى عميق الالتصاق بتفاصيل وجودنا ومسار مجمل العملية السياسية في الصراع بين المتسيدين الناهبين وبين المقهورين من أبناء الشعب.. وحتى يحين التغيير الأمثل لا مجال للتنازل عن أي مطلب شعبي.. ما يرتجى أن نستطيع فرض تلبية المطالب بعيدا عن خسائر وسط أهلنا وهو ما يقع فعليا بصورة يومية بالبصرة وبغيرها! دمت رائعا ولنمض معا وسويا من أجل أهلنا
 
DrAmer Salih بالتأكيد دكتور Tayseer A. Al-Alousi ان المعالجة الشاملة للأزمة العامة في البلاد هو عبر البحث في الأسباب الحقيقة لها والمتمثلة بطبيعة النظام الطائفي المحصصاتي وليست من خلال الحلول الترقيعية التي تعيد انتاج الأزمة وتديم بقائها. شكرا لجهودك الطيبة في تكريس الجهود للخروج من المأزق.
٢

 

Tayseer A. Al-Alousi إن موقفا موحدا مستقلا يبقى مطلوبا لا في السياقات (الخطابية) ولكن في وضع الخطاب موضع الفعل من جميع أطراف القضية.. ونحن بجوهر واقعنا نشهد اندفاع بعض قوى تنويرية إلى حيث الضفة المعطلة التي تخدم منظومة مرضية نريد لها أن تزول.. شكرا لمرورك ولموقفك الدقيق البهي
 

Khairia Al-Mansour الكاتب تيسير الآلوسي يكتب .. دروس البصرة بين ما كان وما ينبغي..!؟ ..

Tayseer A. Al-Alousi Adham Ibraheem Husham Kamil Imad Abbass Haider A Awdh Abo Noor AtHir HaDdad Muna Shaboرائد الهاشمي Aziz Alqenaei حيدر صبي حيدر عادل الجابري حسن متعب

١
 
حسن متعب لا اعرف ان كان بالامكان التخلص من هذا النظام الذي صيغ وفق دستور لايمكن المساس به بما ان عهد الانقلابات قد ولى، وامامنا تجربة لبنان وهي النموذج الاصلي الذي تم تقليده في العراق، فلبنان مازال يعاني منذ اشهر وبعد اربعين سنة من النظام الطائفي من صعوبة تشكيل حكومة بسبب التقاطعات الطائفية.. ماجرى في البصرة كما ذكرت سابقا في مقال لي هو مجرد فورة غضب وليست ثورة، ولكن يمكن اعتبارها قاعدة لتاسيس ما ياتي وما سياتي هو قريب وليس بعيد ولكن ما تحتاجه جماهير البصرة هو مساندة الجماهير لها في باقي المدن حتى تصبح فورة او ثورة عامة وليست خاصة باهل البصرة اذ ان ما يتعرض له ابناء البصرة يتعرض له جميع العراقيين، للاسف تمكنت قوى الظلام والميليشيات من بسط الرعب والخوف ونشر التفرقة الطائفية التي اسست لفقدان الثقة الاجتماعية ومزقت النسيج الوطني العراقي..تحياتي
١

Tayseer A. Al-Alousi أولا أنحني لمثابرتك ومنجزك ولمرورك الكريم؛ وتاليا أتفق معك في أن القضية إن لم تكن بمستوى وطني عراقي لن تكون ثورة قادرة على التغيير ومن هنا فإن من العبر والدروس أن يجد البصريون سبلهم نحو مشاركة عراقية واسعة وشاملة كما يلزم الانتباه على (وحدة الجهد) هنا يكمن مربط قدرات التغيير المنشود بعيدا عن ترهات الترقيع التي يتحدث بشأنها بعض من ينظرون قصيرا فيما واجبهم إن صدقت النوايا والتمسك بالمبادئ أن يكون استراتيجيا أشير لمن خذل الناس وتركهم لمصير نعرف مآله بالتجربة… دمت رائعا وأرجو أن تكون مقترحات معالجتي قد اصابت الهدف بدقة
 
Adham Ibraheem خطاب فيه كثير من العبر والمرتكزات الاساسية لنجاح اي عمل نظالي يخص الشعب كل الشعب رغم توجيهه لاهل البصرة النجباء الذين لايباتون على ضيم وهذا عهدنا بكل المحافظات العراقية ايضا . خطوات عملية مجربة واجب العمل بهل من باب الوصول الى اهداف واضحة ومعالم محددة للانتفاضة . تحياتي للكاتب اللبيب وللقارئ . ومزيد من التحايا للروح الثورية لاهلنا في البصرة .
٢

Tayseer A. Al-Alousi

Adham Ibraheem في الغد يا صديقي سنرى درجة الصلة بين مانكتب وجمهورنا المقصود بهذي المعالجات هناك تحضيرات لتظاهرات تحذيرية ولكنها ستجابه كالعادة عنف البلطجة وترويع ميليشياوي .. فماذا ستكون نتائج تلك الجرائم التي تحاول قمع حرية التظاهر السلمي!؟
أتطلع إلى صحوة ضمير قيادات واجبها إنارة الموقف والاهتمام بدليل الطريق في عتمة فرضها الظلاميون
١
 **************************

مواد ذات صلة

 

إدانة الاعتقالات العشوائية في البصرة

نداء إلى المنظمات الحقوقية المعنية، باتخاذ قرار فوري يمكنه حماية سكان البصرة

بعد جرائم إبادة نخيل البصرة جاء دور الإنسان فيها

نداء المنتدى العراقي بالمطالبة لحماية الصابئة المندائيين وضمان حريات ممارسة طقوسهم في البصرة

شعوبنا الحرة تنتفض على ميليشيات قوى الظلام ومن وراءها؟

إدانة جريمة اغتيال الناشطة سعاد العلي

رسائل برقية وتغريدات في الحراك السلمي للشعب العراقي وبصرة الثورة ضد نظام الطائفية المافيوي

رسائل برقية وتغريدات في الحراك السلمي للشعب العراقي وبصرة الثورة ضد نظام الطائفية المافيوي

التظاهرات السلمية بين المطلبية والتغيير المنشود

 

ما حقيقة ما يسمونه انتخابات في العراق؟

النظام السياسي ولعبة إلزام العراقي بمخرجات البيعة الانتخابية الفاسدة  

ما جدوى تحالفات مؤداها حكومة طائفية الهوية؟

هل يَصحُّ إِلزام قوى الشعب بقوانين لا تلتزمُ بها قوى النظامِ الثّيوقراطيّةِ المُفسِدة؟

هل من سبب لنمنح المفسدين فرصة أخرى!؟

من يتجنب شعار تغيير النظام؟ ولماذا؟

الانتفاضة العراقية: إدراك ألاعيب الطائفيين وردود الشعب الواعية ونداءات التضامن

عُنفُ السلطة وميليشياتها  و عُنفُ الثورة السلمية

التظاهرات السلمية بين المطلبية والتغيير المنشود

أباطيل الإيهام بالديموقراطية في العراق

عراقيون وسط عبث عملية 2003 السياسية؟

الديمقراطية والمعرفة

 

*******************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

*********************************************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/

 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *